صحة و جمال

مادة كيميائية شائعة تزيد من خطر الإصابة بالتوحد بنسبة 500%

أظهرت دراسة جديدة أُجريت في معهد “فلوري” الأسترالي للأبحاث العصبية أن التعرض لمادة كيميائية شائعة تستخدم في العديد من المنتجات البلاستيكية يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بمرض التوحد لدى الأطفال الذكور بنسبة قد تصل إلى 500%.

ركزت الدراسة، التي نُشرت في مجلة “Nature Communications”، على مادة بيسفينول (BPA)، وهي مادة تُستخدم بكثرة في تصنيع العبوات البلاستيكية وحاويات الطعام وعبوات المشروبات، بالإضافة إلى استخدامها في بعض الإيصالات الورقية.

قام الباحثون بتحليل عينات بول لـ600 امرأة حامل، ووجدوا أن الحوامل اللاتي تعرضن لمستويات عالية من مادة BPA، زادت فرص إنجابهن لأطفال ذكور يعانون من أعراض التوحد في مراحل مبكرة من العمر.

نسب الزيادة كانت كبيرة، حيث بلغ خطر ظهور أعراض التوحد 3 مرات أكثر عند عمر سنتين، و6 مرات عند سن 11 عامًا.

تفسير العلماء لهذا التأثير يعود إلى التأثير المباشر لمادة BPA على الدماغ الذكري خلال مراحل النمو الجنيني. يتسبب BPA في تثبيط إنزيم الأروماتاز، الذي يلعب دورًا مهمًا في تنظيم الهرمونات العصبية. عندما يحدث هذا التثبيط، يتعطل تطور الدماغ الطبيعي، مما يساهم في ظهور أعراض التوحد.

هذه الدراسة تعزز القلق المتزايد حول التأثيرات الصحية لمواد كيميائية شائعة تستخدم في المنتجات البلاستيكية. وقد أصبح هذا القلق محط اهتمام عالمي، خاصة مع تزايد الأدلة على أن هذه المواد يمكن أن تؤثر بشكل سلبي على الصحة العصبية والنمو العقلي للأطفال.

في ظل هذه الاكتشافات، تزداد الضغوط على الحكومات والمنظمات الصحية للتشديد على تنظيم استخدام مواد مثل BPA في المنتجات التي يستخدمها الأطفال، بما في ذلك لعب الأطفال وحاويات الطعام. وتشير الدراسات السابقة إلى أن المواد الكيميائية في البلاستيك قد تساهم في حدوث اضطرابات هرمونية أخرى.

يُذكر أن مادة BPA تستخدم منذ عقود في الصناعات المختلفة، مما يجعل من الصعب التخلص منها بشكل سريع. لكن مع ازدياد الوعي حول الأضرار المحتملة لهذه المادة، بدأ بعض الشركات في البحث عن بدائل أكثر أمانًا لتلبية احتياجات السوق.

من المهم أيضًا الإشارة إلى أن نتائج الدراسة تشير إلى أن تأثيرات مادة BPA قد تكون أكثر وضوحًا على الأطفال الذكور مقارنة بالإناث، مما يثير التساؤلات حول العوامل الجينية والهرمونية التي قد تؤثر في هذه الفروقات.

تستمر الأبحاث في هذا المجال لتقديم حلول فعالة للحد من تأثيرات المواد الكيميائية على صحة الأطفال. ومن المتوقع أن تتزايد الجهود التشريعية في المستقبل للحد من استخدام هذه المواد في مختلف المنتجات اليومية.

في الختام، تفتح هذه الدراسة المجال لمزيد من التحقيقات حول العلاقة بين المواد الكيميائية والنمو العصبي للطفل، مما يعزز الحاجة إلى توخي الحذر عند استخدام المنتجات البلاستيكية، خاصةً تلك التي قد تكون على اتصال مباشر مع الأطفال.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى