وجهات سياحية

دراسة علمية تكشف عن تاريخ مناخي مدهش للسعودية قبل 8 ملايين سنة

توصلت دراسة علمية حديثة، أجرتها هيئة التراث السعودية، إلى اكتشاف مذهل يتعلق بالمناخ القديم للمملكة، حيث كانت أرضها واحة خضراء قبل 8 ملايين سنة.

وكشفت الدراسة عن تفاصيل مناخية دقيقة تبين كيف كانت المملكة بيئة خصبة وصالحة للحياة، على عكس طبيعتها الجافة الحالية. ووفقًا لوكالة الأنباء السعودية “واس”، فإن هذه الدراسة تمثل خطوة هامة في فهم تاريخ المملكة البيئي والمناخي.

ركزت الدراسة على تحليل 22 تكوينًا كهفيًّا استُخرِج من سبعة كهوف تقع شمال شرق منطقة الرياض، بالقرب من مركز شوية في محافظة رماح، وتُعرف هذه الكهوف محليًا باسم “دحول الصمّان”، بينما يشتهر العلماء في جميع أنحاء العالم بتسميتها “الهوابط والصواعد”، وقد تم استخراج الترسبات من هذه الكهوف لتقديم صورة واضحة عن المناخ القديم في المنطقة.

وفي مؤتمر صحفي عقد في مقر الهيئة بالرياض، كشف الدكتور عجب العتيبي، المدير العام لقطاع الآثار في هيئة التراث، أن هذه الدراسة تقدم أطول سجل مناخي تم اكتشافه في الجزيرة العربية.

وأوضح العتيبي أن هذا السجل لا يعد فقط الأطول في المنطقة، بل يعد أيضًا من أطول السجلات المناخية في العالم، حيث يغطي فترة زمنية طويلة تمتد على مدار 8 ملايين سنة.

وأشار إلى أن هذا السجل يوضح تعاقب مراحل مناخية رطبة متعددة، أدت إلى جعل أراضي المملكة بيئة خصبة وغنية بالحياة.

وفقًا لنتائج الدراسة، فإن تلك الفترات الرطبة كانت لها تأثيرات كبيرة على طبيعة المنطقة، حيث كانت المملكة العربية السعودية، التي تُعد اليوم واحدة من أكبر الصحارى الجافة في العالم، تمتاز بمناخ مناسب للحياة، وقد كانت تلك الفترات بمثابة حلقة وصل طبيعية للهجرات الحيوانية والبشرية بين قارات إفريقيا وآسيا وأوروبا.

وكانت هذه الهجرات ممكنة بفضل توفر الموارد المائية في المنطقة التي أدت إلى خلق بيئات خصبة تستقبل مجموعة واسعة من الحيوانات.

كما دعمت الدراسة الاكتشافات السابقة التي تم التوصل إليها من خلال الدراسات الأحفورية في المنطقة، وأكدت أن هذه الفترات الرطبة سمحت بتواجد أنواع حيوانية كانت تعتمد على المياه، مثل التماسيح، والخيل، وأفراس النهر، إضافة إلى ذلك، تم الكشف عن وجود حيوانات أخرى مثل الفيلة والزرافات التي ازدهرت في بيئات غنية بالأنهار والبحيرات.

واستعرض منشور لمركز التواصل الحكومي السعودي على موقع “إكس” أيضًا وجود بعض هذه الحيوانات في البيئة القديمة للمملكة، ولفت المنشور إلى أن هذه الحيوانات كانت تعيش في بيئات لم تعد موجودة في الوقت الحاضر، وهو ما يعكس مدى التغيرات المناخية الكبرى التي شهدتها المنطقة.

وأكد الدكتور العتيبي أن هذه الدراسة تساهم بشكل كبير في فهم التغيرات المناخية التي أثرت في حركة الجماعات البشرية عبر العصور، كما أن نتائج الدراسة تدعم التفسيرات المتعلقة بكيفية تأثير هذه التغيرات على الهجرات البشرية وانتشارها في تلك الفترات الزمنية.

وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في مقال علمي في مجلة Nature تحت عنوان “الحقب الرطبة المتكررة في شبه الجزيرة العربية خلال الـ 8 ملايين سنة الماضية”.

تم نشر المقال بالتعاون مع عدة جهات محلية ودولية تحت مظلة مشروع “الجزيرة العربية الخضراء”، الذي يهدف إلى استكشاف التاريخ الطبيعي والبيئي للمنطقة.

استخدم الباحثون تقنيات علمية متقدمة لتحليل الترسبات الكيميائية في المتكونات الكهفية، وقد سمحت هذه التحليلات الدقيقة بتحديد الفترات الرطبة التي شهدتها المنطقة، مما يوفر بيانات قيمة لفهم تطور المناخ على مر العصور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى