منوعات وترفيه

124 طائراً من الحبارى تعود إلى موائلها الطبيعية في محمية الملك سلمان 

أعادت هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية توطين 124 طائرًا من طيور الحبارى النادرة في مواقع مختلفة داخل نطاق المحمية.

جاء ذلك ضمن برنامج بيئي متخصص يستهدف الكائنات الفطرية المهددة بالانقراض. يشمل البرنامج إطلاق تلك الأنواع في بيئاتها الأصلية، وضمان مراقبتها ومتابعة حالتها الصحية عبر فرق ميدانية مختصة، وتوثيق مسارها من لحظة الإطلاق حتى استقرارها.

يندرج هذا العمل ضمن رؤية بيئية أشمل تنفذها الهيئة، تركز على استعادة التوازن البيئي وحماية الموارد الطبيعية من التدهور بفعل النشاط البشري والمناخي.

يشمل البرنامج إعداد تقارير مفصلة لكل دفعة من الكائنات المُطلقة، وتحليل بيانات حركتها وتغذيتها وتكاثرها، بما يسهم في فهم أكبر لأنماط سلوكها وتفاعلها مع البيئة المحيطة.

اتّسمت عملية التوطين الأخيرة بالحذر والدقة، خاصة أن طائر الحبارى من الأنواع الحساسة. يحتاج هذا الطائر إلى بيئة متوازنة ومستقرة، وهو ما توفره المحمية من خلال الحد من الأنشطة البشرية داخل مناطق التكاثر.

تعيش طيور الحبارى عادة في المناطق شبه الصحراوية، وتفضّل التعشيش في حفر صغيرة قريبة من الشجيرات القصيرة. لا يبني أعشاشًا معقدة، بل يكتفي بموقع مكشوف جزئيًا، مما يزيد من خطر تعرضه للافتراس أو الإزعاج، ويُحتم ضرورة تأمين موائل آمنة له.

تتراوح أطوال طيور الحبارى بين 55 و75 سنتيمترًا. يبلغ وزن الذكر ما بين 1800 إلى 3200 جرام، بينما تزن الأنثى بين 1200 و1700 جرام، تعيش هذه الطيور نمط حياة متحرك، وتقطع مسافات طويلة تصل إلى 60 كيلومترًا يوميًا بحثًا عن الغذاء، الذي يشمل الحبوب والنباتات الصغيرة والحشرات، الأنثى تضع ما بين بيضتين إلى ثلاث في كل موسم، وتدوم فترة الحضانة نحو 24 يومًا، ثم تبدأ الفراخ بالطيران بعد مرور 35 يومًا.

تعكس هذه البيانات حجم الجهد المطلوب لضمان بقاء هذا النوع واستمراره في البرية، أي اختلال في سلسلة الغذاء أو تدهور في غطاء النباتات أو زيادة التعدي البشري يمكن أن يؤدي إلى تقليص أعداده، هذا ما دفع الهيئة إلى رفع جاهزية فرق المتابعة وتعزيز التعاون مع مراكز أبحاث بيئية مختصة داخل المملكة وخارجها.

تُعد محمية الملك سلمان واحدة من أبرز المحميات على مستوى العالم من حيث المساحة، إذ تمتد على مساحة 130,700 كيلومتر مربع. تضم تنوعًا بيئيًا فريدًا يجمع بين الجبال والصحارى والسهول، وتوفر ملاذًا آمنًا لعشرات الأنواع البرية. تسعى الهيئة من خلال مشاريع التوطين إلى بناء نموذج وطني لحماية الأنواع، يراعي الجوانب البيئية والبحثية والاقتصادية، ويضمن استدامة الموارد البيئية للجيل الحالي والمستقبلي.

تعمل الهيئة أيضًا على رفع وعي المجتمع المحلي عبر برامج تعليمية ومبادرات تطوعية في مناطق المحمية، لتأهيل المجتمعات المحيطة للمشاركة الفاعلة في حماية الكائنات.

وتشير تقارير الهيئة إلى أن التعاون المجتمعي أسهم خلال السنوات الماضية في خفض حالات التعدي والصيد غير المشروع، وساهم في تعزيز فرص نجاح برامج التوطين.

هذا الإنجاز يمثل خطوة في مسار طويل لحماية الأنواع المهددة، ويعكس التزامًا عمليًا بإعادة بناء التوازن البيئي، وتأكيدًا على أن استعادة الحياة الفطرية تبدأ من فهم سلوك الكائنات وتوفير الشروط المناسبة لها، لا بمجرد إطلاقها في البرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى