دراسة علمية تكشف تأثير شرب الماء على الذكاء
أظهرت دراسة علمية جديدة تحليلًا شاملًا لعدد من الأبحاث التي أجراها المعهد الأمريكي لعلوم الصحة البيئية (NIEHS) حول تأثير الفلورايد الموجود في مياه الشرب ومعجون الأسنان على معدل الذكاء لدى الأطفال.
التحليل الذي شمل 74 دراسة علمية، كشف عن علاقة مثيرة للقلق بين ارتفاع مستويات الفلورايد في المياه وانخفاض درجات الذكاء لدى الأطفال، حيث أظهرت النتائج أن زيادة قدرها 1 ملغم / لتر في الفلورايد قد يؤدي إلى انخفاض بمقدار 1.63 نقطة في معدل الذكاء.
استندت الدراسة إلى نتائج فحوصات شملت أكثر من 21 ألف طفل من 10 دول مختلفة حول العالم. ووفقًا للتحليل المنشور في مجلة “JAMA Pediatrics” العلمية، تبين أن تأثيرات الفلورايد على القدرات المعرفية للأطفال قد تظهر حتى عند مستويات أقل من 2 ملغم / لتر.
هذا الاكتشاف أثار تساؤلات كبيرة حول العلاقة بين ضرورة الفلورايد في منع تسوس الأسنان وحماية التطور المعرفي للأطفال، وهي قضية تثير قلقًا في مجال الصحة العامة.
اعتمدت الدراسة على بيانات تم جمعها من دراسات أُجريت في عدة دول، من بينها الولايات المتحدة، الصين، كندا، الدنمارك، الهند، إيران، المكسيك، نيوزيلندا، باكستان، إسبانيا، وتايوان.
وفيما يتعلق بالأساليب البحثية، استخدم فريق البحث ثلاث طرق تحليلية مختلفة لدراسة العلاقة بين مستويات الفلورايد في المياه وقدرة الأطفال على أداء المهام المعرفية.
ورغم أن الفلورايد قد أُشيد به لسنوات عديدة باعتباره أحد أكبر إنجازات الصحة العامة في القرن العشرين، بفضل دوره الكبير في الوقاية من تسوس الأسنان، إلا أن هذه الدراسة تفتح نقاشًا حول ضرورة إعادة النظر في توجيهاته.
تعتبر الفلورة المائية (إضافة الفلورايد إلى الماء) واحدة من المبادرات التي اعتمدت على نطاق واسع لتعزيز صحة الفم، ولكن مع هذه النتائج الجديدة، تبرز الحاجة إلى إعادة تقييم مستوى تعرض الأفراد للفلورايد.
وتُسلط الدراسة الضوء على ضرورة إيلاء اهتمام خاص للفئات السكانية الضعيفة مثل النساء الحوامل والأطفال الصغار. وأوصت الدراسة بضرورة التفكير في إعادة تقييم توجيهات التعرض للفلورايد على مستوى الحكومات والمنظمات الصحية، نظرًا لتأثيره المحتمل على التطور المعرفي للأطفال.
كما أن هذه النتائج قد تتطلب إعادة النظر في ممارسات الصحة العامة، خصوصًا في البلدان التي تستخدم الفلورايد بشكل واسع في إمدادات المياه.
وفي ظل هذه النتائج، يبقى السؤال مطروحًا حول كيفية إيجاد توازن بين فوائد الفلورايد في الوقاية من تسوس الأسنان وبين المخاوف المتعلقة بتأثيراته على الذكاء.
قد تتطلب هذه القضية إجراء مزيد من الأبحاث لفهم العلاقة بين الفلورايد والصحة المعرفية، وما إذا كان من الممكن تعديل مستويات الفلورايد بشكل يتناسب مع الحفاظ على صحة الأسنان دون التأثير على القدرة الذهنية للأطفال.
هذه الدراسة تعد من بين أبرز الأبحاث التي تتناول العلاقة بين البيئة والصحة العقلية للأطفال، وتشير إلى الحاجة الملحة لدراسة التأثيرات البيئية الأخرى على الأطفال بشكل أوسع.