بروج البلجيكية تواجه أزمة كبرى بسبب “السياحة المفرطة”
تواجه مدينة بروج الصغيرة في بلجيكا أزمة كبرى بسبب السياحة المفرطة التي تثير استياء سكّانها، من خلال تشجيع السياحة النوعية ودفع زائريها إلى الإقامة فيها لفترات اطول.
فينيسيا الشمال
بروج، الوجهة السياحية البارزة في غرب بلجيكا، المدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو والملقبة بـ”فينيسيا الشمال” (نسبة إلى مدينة البندقية الإيطالية)، يبلغ عدد سكانها 119 ألف نسمة، وتستقطب ثمانية ملايين زائر كل عام، معظمهم يأتون خلال الصيف ولا تستمر زياراتهم لأكثر من يوم واحد في أكثر الأحيان.
ولا ترغب سلطات المدينة في أن تلقى بروج مصير البندقية نفسه، فقد هددت منظمة اليونسكو الشهر الماضي بوضع المدينة الإيطالية على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر بسبب السياحة المفرطة.
متحف في الهواء الطلق
وفيما يدرك هؤلاء الآثار الإيجابية لهذا التدفق الكبير للزائرين على صعيد الاقتصاد والتوظيف، فإنهم ينددون بما يعتبرونه سياحة غير متوازنة تحوّل مدينتهم إلى متحف في الهواء الطلق.
ويوضح كورت فان دير بيتر، وهو رجل متقاعد يبلغ 62 عاماً وعاش حياته كلها في بروج “هناك مشكلات كثيرة. يقول سكان بروج إنهم ضاقوا ذرعاً من الوضع بسبب العدد المفرط من الزائرين في بعض الأيام”.
وقد عاد عدد السياح إلى مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، ويرجع الفضل في ذلك خصوصاً إلى السفن السياحية التي ترسو في ميناء زيبروغه القريب، والتي يمضي ركابها بضع ساعات فقط في المدينة.
منشآت الإيواء
وقد تردد صدى هذا الاستياء من السكان المحليين في الترتيب الذي وضعه في أغسطس 2022 موقع التأجير “هوليدو” Holidu، المنافس لـ”اير بي ان بي” Airbnb، والذي أدرج الوجهات الأوروبية الأكثر استقطاباً للسياح نسبة إلى عدد السكان.
وتعادلت البندقية وبروج وجزيرة رودوس اليونانية في المركز الثاني، خلف مدينة دوبروفنيك الكرواتية التي تستقطب سيلاً من عشاق مسلسل “غايم أوف ثرونز” الراغبين في استكشاف مواقع تصوير العمل، ما جعلها رمزاً للسياحة المفرطة.
وشكك مكتب السياحة في بروج، في هذا الترتيب، قائلاً إنه بحسب بيانات تم الاستحصال عليها من شبكات الهاتف المحمول، يوجد في المعدل 131 زائراً يومياً فقط لكل 100 نسمة في بروج.
مع ذلك، اتخذت البلدية إجراءات أمام الازدياد الكبير في أعداد الزائرين خلال فصل الصيف، إذ اعتمدت سنة 2019 استراتيجية مدتها خمس سنوات لتشجيع الزوار على النزول في بروج لليالٍ عدة، واستكشاف المنطقة المحيطة، والاستمتاع بالتجارب الثقافية وتذوق الطعام المحلي، من دون الاكتفاء بزيارات خاطفة لالتقاط صور السيلفي والتهام شطائر الـ”وافل”.
على عكس المدن السياحية الأوروبية الأخرى، لم تغلق بروج إمكانية التنقل بالسيارات في الوسط التاريخي، رغم أن محطة للقطار تقع على بعد دقائق قليلة. وتنتشر في شوارع المدينة البلجيكية مركبات بلوحات تسجيل من كل أنحاء أوروبا.