اليابان بين العراقة والحداثة في 21 حقيقة مدهشة

بدأت اليابان ترسم لنفسها مكانة استثنائية بين دول العالم، ليس فقط لتقدّمها التقني والتكنولوجي، بل أيضاً لما تزخر به من تنوع ثقافي، وتقاليد ضاربة في أعماق التاريخ، وخصائص جغرافية وإنسانية تجعل منها حالة فريدة يصعب مقارنتها، فالدولة الآسيوية التي تتألف من أربع جزر رئيسية هي: هونشو، هوكايدو، كيوشو، وشيكوكو، بالإضافة إلى أكثر من 6800 جزيرة صغيرة أخرى، تقدم نموذجاً متكاملاً لجغرافيا متداخلة من الجبال والبحار، يمتد أرخبيلها لمسافة تفوق 3000 كيلومتر من الشمال إلى الجنوب، وتنتشر في أرجائه مظاهر طبيعية ساحرة وحياة برية فريدة من نوعها، تضم جزراً مأهولة وغير مأهولة، مثل جزيرة “أوكونوشيما” الشهيرة، المعروفة باسم “جزيرة الأرانب”، حيث تتجول مئات الأرانب بحرية وسط الطبيعة.
وتنبع فرادة اليابان أيضاً من مزجها بين التقاليد العميقة والحداثة المتسارعة، ففي الوقت الذي تحتفظ فيه الدولة بتراث فني مثل فن “الإيكيبانا” لترتيب الزهور، الذي يعكس فلسفة الجمال في البساطة والتوازن، تُعد اليابان كذلك واحدة من أكبر الأسواق الموسيقية في العالم، وثاني أكبر قاعدة لفروع “ماكدونالدز” بعد الولايات المتحدة، حيث تضم أكثر من 3000 مطعم.
كما تعتبر مهدًا للعديد من المظاهر الثقافية المعروفة عالمياً مثل الكاريوكي، الذي تعني كلمته حرفيًا “الأوركسترا الفارغة”، وتعكس فلسفة المشاركة الفنية التي تشجع الناس على التعبير والمرح.
وتتميز اليابان كذلك ببنية تحتية متقدمة للغاية، لا سيما في قطاع النقل، حيث يُعرف نظام القطارات الياباني بدقته المذهلة، إذ تصل دقته إلى الثانية الواحدة في المواعيد، وهو إنجاز نادر في العالم.
ويُضاف إلى هذه البنية شبكة مترو الأنفاق، التي أثبتت متانتها في وجه الكوارث الطبيعية، كما حدث في فوكوكا، حيث صمدت أمام إعصار ضرب المنطقة.
ويأتي هذا في بلد يُعد من أكثر مناطق العالم نشاطاً زلزالياً، إذ يشهد أكثر من 1500 زلزال سنوياً، نتيجة موقعه ضمن “حلقة النار” في المحيط الهادئ، كما يحتوي على أكثر من 200 بركان، بينها 108 تعتبر نشطة.
وفي الجانب الإنساني، تتصدر اليابان معدلات طول العمر في العالم، بمتوسط عمر يقارب 85 عاماً، وتضم أكثر من 50 ألف شخص تجاوزوا المئة عام، في ظاهرة تعود جزئياً إلى نمط الحياة الغذائي المتوازن، وانخفاض معدل السمنة، الذي يُعد من الأدنى عالميًا.
وتُعد النودلز الفورية من العناصر الأساسية في النظام الغذائي الشعبي، إذ يستهلك اليابانيون قرابة 24 مليار عبوة سنوياً، مما يعكس أيضاً جانبًا من الثقافة اليومية السريعة والمعاصرة.
ولا تخلو اليابان من مفارقات غريبة وطريفة، مثل وجود أقصر سلم متحرك في العالم في مدينة كاواساكي، والذي لا يتجاوز خمس درجات، ويُعد مَعلماً سياحياً غير تقليدي يجذب الزوار للتصوير والدهشة.
أما على صعيد الشركات والتاريخ الاقتصادي، فتُعد اليابان موطناً لأقدم شركة ما تزال تعمل في العالم، وهي “نيشياما أونسون كينيوكان”، التي تأسست عام 705 ميلادي، ولا تزال تستقبل الضيوف في محافظة ياماناشي، حافظة بذلك تقاليد الضيافة والرفاه منذ أكثر من 1300 عام.
ورغم التقدّم الاقتصادي والمعرفي، فإن اليابانيين لا يميلون إلى عادات متداولة في الغرب، مثل تقديم البقشيش، الذي يُعتبر سلوكًا غير مهذب في ثقافتهم، وهو ما يعكس احترامهم للعمل المهني دون انتظار مقابل إضافي، في ظل التزام واضح بالقيم المهنية والانضباط المجتمعي.
وتظهر اليابان كوجهة ساحرة تجمع بين الماضي والحاضر، وبين الطبيعة والانضباط، وبين البساطة والابتكار، ما يجعل استكشافها رحلة ثقافية وإنسانية لا تُنسى، سواء من خلال تفاصيل الحياة اليومية، أو عبر التجوال بين جزرها التي تحتضن أسراراً لا تزال تُدهش العالم في كل مرة.
المصدر: إقرأ – Iqraa