قلاع العالم تواصل إبهار الزوار رغم تقلبات الزمان

تُثير القلاع اهتمام الناس في مختلف أنحاء العالم بسبب ما تمثله من قصص تاريخية ومعمارية جمعت بين القوة والجمال، حيث تجمع بين أحداث الصراعات والحروب التي دارت داخل أسوارها، وبين التفاصيل الهندسية التي عكست عظمة الحقب التي شُيدت فيها، ويُضاف إلى ذلك بعدها الرومانسي الذي يحرك الخيال، ويستحضر صور الفرسان والملوك والملكات، مما يجعل زيارتها تجربة فريدة تتجاوز حدود الزمان والمكان.
واحتلت قلعة الحصن في سوريا مكانة بارزة ضمن قائمة أجمل القلاع في العالم، رغم الأضرار التي لحقت بها خلال الحرب الأهلية، حيث ظلت صامدة كشاهد على التاريخ الممتد لقرون، فقد بناها فرسان القديس يوحنا في القرن الثاني عشر، وجاء تصميمها ليجسد قلاع الصليبيين في منطقة الشرق الأوسط، وقد تميزت القلعة بجدارين متينين يفصل بينهما خندق، واحتلت موقعًا استراتيجيًا بين حمص والساحل السوري، ما منحها أهمية عسكرية كبيرة، كما جعلها نموذجًا مميزًا للعمارة الدفاعية في العصور الوسطى.
وانتقل الاهتمام إلى المغرب حيث يبرز قصر آيت بن حدو على مشارف الصحراء الكبرى، والذي لم يكتفِ بجذبه للسياح بل اجتذب صناع السينما أيضًا، فقد ظهر في أعمال شهيرة مثل “صراع العروش” و”غلاديايتر”، ويضم القصر بلدة سفلية تقف على ضفاف نهر، بينما تعلوها قلعة مدمرة جزئيًا، ومع ذلك ما زال السكان يعيشون حوله، وتوفر بيوت الضيافة المبنية على الطراز الأمازيغي للزائرين فرصة فريدة للإقامة في مكان يحمل طابعًا تقليديًا ومكانة تاريخية، ويُعتقد أن بناؤه يعود إلى القرن السابع عشر كمحطة عبور رئيسية للقوافل التي كانت تسافر من مراكش إلى السودان.
وفي اليابان، تقف قلعة هيميجي كرمز للتراث الياباني وكنز وطني، ويُطلق عليها اسم “قلعة البلشون الأبيض” بسبب مظهرها الذي يشبه الطائر أثناء الطيران، وقد بُنيت القلعة في أوائل القرن السابع عشر، وتقع غرب مدينة أوساكا، وتُعد واحدة من القلاع القليلة التي احتفظت ببنيتها الأصلية، وتُوفر للزوار جولات تعريفية منتظمة باللغتين اليابانية والإنجليزية، مما يجعلها محطة مهمة في رحلات الزوار الراغبين في التعرف على التاريخ الياباني من خلال معمار القلاع الإقطاعية.
وفي اسكتلندا، تُعد قلعة إدنبرة معلمًا بارزًا شُيد فوق نتوء بركاني يطل على المدينة، وهي ليست فقط واحدة من أشهر القلاع في أوروبا، بل تُعرف أيضًا بأنها أكثر القلاع البريطانية تعرضًا للحصار، حيث شهدت أكثر من 26 هجومًا عبر تاريخها الممتد لأكثر من 1100 عام، مما يعكس مكانتها السياسية والعسكرية في تاريخ المملكة المتحدة، وتقف القلعة اليوم كأيقونة وسط العاصمة، يتوافد عليها السياح للاستمتاع بمشاهدها وإرثها التاريخي المتجذر.
القلاع حول العالم لا تكتفي بتقديم مشاهد معمارية خلابة، بل تروي قصص حضارات وشعوب وصراعات شكلت جزءًا كبيرًا من التاريخ البشري، وهو ما يفسر استمرار اهتمام الزوار بها، رغم مرور الزمن واختلاف العصور.
المصدر: cnnarabic