5 ملايين وفاة تكشف خطورة المضادات الحيوية

أظهرت تقديرات صحية دولية أن سوء استخدام المضادات الحيوية يتسبب في نحو خمسة ملايين حالة وفاة سنويًّا حول العالم، ما يعكس حجم الخطر المتصاعد المرتبط بهذا النمط العلاجي واسع الانتشار، ويدفع السلطات الصحية إلى اتخاذ إجراءات صارمة للحد من هذه الظاهرة التي تهدد أنظمة الرعاية الطبية في مختلف الدول، خاصة في الدول النامية.
كشفت هيئة الدواء المصرية عن أرقام مقلقة حول حجم استخدام المضادات الحيوية في السوق المحلي، حيث أفاد الدكتور علي الغمراوي، رئيس الهيئة، أن واحدًا من كل عشرة أدوية متداولة في مصر يحتوي على مضاد حيوي، بينما تُصرف نسبة تصل إلى 55% من الأدوية دون أي إشراف طبي مباشر، ما يعزز مناخ الإفراط في تناول هذه العقاقير ويزيد من احتمالات تطور مقاومة بكتيرية يصعب علاجها مستقبلًا.
بدأت الهيئة مؤخرًا تطبيق سلسلة من الإجراءات المشددة، كان أبرزها حظر صرف المضادات الحيوية إلا بوصفة طبية، إلى جانب التشديد على قواعد تخزينها داخل الصيدليات ومنافذ البيع.
وشملت الخطوات أيضًا تقليص عدد العبوات الدوائية التي تحتوي على مضادات حيوية، حيث تم خفض العدد من 240 ألف عبوة إلى 33 ألف عبوة فقط خلال عام واحد، إضافة إلى تنفيذ أكثر من 15 ألف حملة تفتيش لضبط الأسواق الدوائية ومحاسبة المخالفين.
وأشار الغمراوي إلى أن الجهود لا تقتصر على الاستخدام البشري فقط، بل تشمل أيضًا المضادات الحيوية المستخدمة في القطاع البيطري، والتي يتم تداولها في بعض المحلات أو المزارع دون أي إشراف علمي أو قانوني، ما وصفه بـ”الكارثة الصامتة” التي تتفاقم بصمت وتهدد الصحة العامة وسلامة الغذاء.
وتتعاون الهيئة مع منظمة الصحة العالمية لضبط حركة المضادات الحيوية وتوعية العاملين في المجال الطبي والدوائي بأهمية الالتزام بالمعايير العلمية في صرف هذه الأدوية، خصوصًا في ظل المؤشرات العالمية التي تحذر من تحول الجراثيم إلى كائنات مقاومة للعلاج نتيجة التناول غير المنضبط للمضادات.
تؤكد هذه الأرقام والمواقف الرسمية أن التعامل العشوائي مع المضادات الحيوية لم يعد مسألة فردية، بل أزمة صحية عامة تتطلب تدخلًا حكوميًا منظمًا وتعاونًا دوليًا مشتركًا، من أجل تقليل الوفيات، ومنع تكرار وصفات عشوائية، والحد من المخاطر طويلة الأمد على النظام الصحي.