ليسوتو الدولة الوحيدة التي تعيش فوق الغيوم دائماً

تتربع مملكة ليسوتو على قمة الجغرافيا العالمية كأعلى دولة في العالم من حيث الارتفاع، إذ تقع أراضيها بالكامل فوق مستوى 3281 قدماً عن سطح البحر، ما يجعلها الدولة الوحيدة التي تعيش بالكامل على هذا الارتفاع المستمر، حتى أن أدنى نقطة فيها أعلى من أعلى قمم كثير من الدول.
تقع ليسوتو، التي يطلق عليها لقب “مملكة إفريقيا في السماء”، في قلب جنوب القارة داخل حدود جنوب أفريقيا، وتغطي مساحة تتجاوز 11500 ميل مربع، ويسكنها نحو مليوني نسمة يعيشون وسط تضاريس جبلية شاهقة وهواء بارد يشبه مناخ جبال الألب، حيث تتداخل القمم العالية مع الوديان السحيقة لتصنع مشهداً طبيعياً فريداً.
أكدت وكالة الفضاء الأوروبية أن هذه المملكة الصغيرة هي الوحيدة التي تحافظ على ارتفاع ثابت يفوق الألف متر في كامل أراضيها، مشيرة إلى أن تضاريسها الجبلية ترسم ملامح الحياة فيها، وتتحكم في أنماط الزراعة والسكن والتنقل، إذ يعيش سكانها في قرى صغيرة متناثرة بين الجبال ويعتمدون على الزراعة التقليدية ورعي الماشية كمصدر رئيسي للرزق.
يعتمد شعب الباسوتو، وهو السكان الأصليون لليسوتو، على زراعة الحبوب وتربية الأبقار والأغنام في الهضاب التي تتعرض لرياح قوية طوال العام، غير أن هذه الأنشطة باتت تواجه تحديات متزايدة بسبب تغير المناخ، حيث أدت موجات الجفاف الطويلة وتراجع معدلات الأمطار إلى تهديد الأمن الغذائي وتقليص المساحات الزراعية الصالحة للزراعة.
تُعد الجبال في المقابل مصدراً للثروة، إذ تحتوي على مناجم ماس نادرة تعد من بين الأغلى في العالم، وتُستخرج من أعماق مرتفعة تتجاوز في بعض المناطق 3000 متر فوق سطح البحر، ما جعل ليسوتو تُعرف في الأسواق العالمية بأنها موطن الماس الفاخر النقي الذي يجذب شركات التعدين والمستثمرين من مختلف الدول.
يتمتع هذا البلد أيضاً بجمال طبيعي أخّاذ يجذب السائحين المغامرين ومحبي الطبيعة، إذ توفر قممه العالية مناظر خلابة ومسارات جبلية تجذب متسلقي الجبال من أنحاء العالم، بينما تمنح أجواؤه الباردة سكانه حياة مختلفة عن معظم الدول الأفريقية ذات المناخ الحار، وهو ما جعلها وجهة مميزة لعشاق التجارب البيئية الفريدة.
ورغم العزلة الجغرافية التي تحيط بها من جميع الجهات بجنوب أفريقيا، استطاعت ليسوتو الحفاظ على هويتها الثقافية المستقلة، إذ يتمسك شعبها باللغة السوتية وبالزي التقليدي المصنوع من الأقمشة السميكة التي تحميهم من البرد القارس، ما يجعل مظهر الحياة فيها انعكاساً حقيقياً لعلاقة الإنسان بالطبيعة على ارتفاعات شاهقة.
تُجسد ليسوتو نموذجاً نادراً لدولة تعيش فعلاً في السماء، حيث يتنفس سكانها هواءً نقياً ويواجهون تحديات قاسية، لكنهم يحتفظون بهدوء الجبال وصلابتها، ليؤكدوا أن الحياة فوق الغيوم ممكنة حين تتناغم الطبيعة مع الإنسان.
المصدر: سوشيال ميديا





