وادي تربة البقوم وجهة السياحة البيئية الأجمل في مكة المكرمة

يشكّل وادي تربة البقوم واحدًا من أجمل وأغنى الوجهات الطبيعية في منطقة مكة المكرمة، إذ يجمع بين روعة المشهد البيئي وعبق التاريخ الإنساني، ليصبح محطة أساسية لعشاق الطبيعة ومحبي استكشاف التراث.
ويمتد الوادي على مساحة شاسعة من الأرض تتنوع فيها التضاريس بين السهول والمرتفعات والمجاري المائية الموسمية، مما يجعله لوحة فريدة تتبدل ألوانها مع تغير الفصول.
يُعرف الوادي بتنوعه الطبيعي الذي يتجلّى في وفرة الأشجار والنباتات المحلية، خصوصًا السدر والطلح اللتين تنتشران على ضفتيه، وتضفيان عليه طابعًا بيئيًا أخّاذًا، كما تكسوه المسطحات الخضراء بعد هطول الأمطار لتعيد الحياة إلى ممراته الهادئة.
هذا المشهد الطبيعي الجذاب جعل الوادي مقصدًا لعشاق التصوير والمغامرة، حيث تتجلى فيه الطبيعة البكر في أبهى صورها دون تدخل الإنسان، مما يمنح الزائرين تجربة تأملية نادرة.
ويقع وادي تربة عند “حرّة البقوم”، وهي من أبرز الظواهر الجيولوجية في المنطقة، وتتميّز بتكويناتها الصخرية البركانية الفريدة التي تحكي قصصًا جيولوجية تعود لآلاف السنين، إذ تتناثر الحمم المتصلبة والأحجار البازلتية على امتداد النظر، لتشكل متحفًا مفتوحًا للطبيعة يثير فضول الزوار والباحثين في علوم الأرض.
وفي إطار الجهود البيئية الرامية للحفاظ على المكان واستدامة موارده، نفذ مكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بمحافظة تربة مشروعًا متكاملًا لإزالة الرسوبيات من بركة “حرّة البقوم” بسعة تخزينية تجاوزت 32 ألف متر مكعب، وذلك بهدف الاستفادة من مياه الأمطار في تغذية المراعي القريبة، ودعم النظم البيئية المحلية التي تعتمد على هذه الموارد في استدامة الحياة النباتية والحيوانية.
ولا تقتصر أهمية وادي تربة على جماله الطبيعي فحسب، بل تمتد إلى عمقه التاريخي، إذ يحتضن إرثًا عريقًا يتمثل في النقوش الصخرية والمواقع الأثرية والحصون القديمة، التي ما زالت شاهدة على تاريخ المنطقة وحضارتها القديمة، وتوثق هذه الآثار مراحل متعددة من تاريخ الجزيرة العربية، بما تحمله من رموز ورسوم ونقوش عربية قديمة تروي حكايات عن حياة الإنسان الأولى في هذه الأرض الخصبة.
ويشهد الوادي اهتمامًا متزايدًا من الجهات السياحية والبيئية في المملكة، التي تسعى إلى تطوير المواقع الطبيعية وتحويلها إلى وجهات مستدامة تعزز السياحة الداخلية، وتقدم للزائر تجربة تجمع بين الهدوء والجمال والمعرفة.
ومع تزايد الوعي بأهمية السياحة البيئية، أصبح وادي تربة نموذجًا حيًا لكيف يمكن للطبيعة أن تكون مصدرًا للجمال والاقتصاد في الوقت نفسه.
إن زيارة وادي تربة البقوم ليست مجرد رحلة إلى موقع طبيعي، بل هي تجربة تغمر الحواس، تُعيد للإنسان صلته الأولى بالأرض، وتدعوه للتأمل في جمالها وتنوعها، في منطقة تُعد من أجمل بقاع مكة المكرمة وأكثرها تفرّدًا على الإطلاق.





