وجهات سياحية

حافة “الحمد لله” في يوسمايت.. اختبار شجاعة على ارتفاع شاهق

تثير حافة “الحمد لله” الواقعة في منتزه يوسمايت الوطني بالولايات المتحدة رهبة كل من يقترب منها، إذ تمتد هذه الحافة على طول 35 قدمًا فقط، بينما لا يتجاوز عرضها ما بين 5 إلى 12 بوصة، لتصبح واحدة من أخطر وأشهر النقاط في عالم تسلق الجبال.

يتعين على المتسلقين الذين يجرؤون على عبور هذا المسار أن يوازنوا بين أجسادهم فوق الفراغ الهائل أسفلهم، حيث الخطأ الواحد قد يكون الفاصل بين الحياة والموت.

تشكّلت الحافة على الواجهة الشمالية لقبة “نصف القبة” الشهيرة في يوسمايت، وهي جزء من الطريق الشمالي الغربي المنتظم الذي يعد من أبرز مسارات التسلق في العالم.

وبسبب ضيقها الشديد، تتطلب الحافة تركيزًا استثنائيًا من المتسلقين الذين لا يملكون سوى بضع بوصات من الصخر لوضع أقدامهم عليها، بينما الرياح العاتية والارتفاع الشاهق يضيفان بعدًا آخر من التحدي والمغامرة، إنها لحظة يختبر فيها الإنسان قدرته على السيطرة على خوفه، والتعامل مع الطبيعة بجرأة وانضباط.

يُقال إن الحافة حصلت على اسمها الغريب “حافة الحمد لله” لأن المتسلقين الذين ينجحون في عبورها يشعرون بامتنان غامر وارتياح عميق بعد تجاوزها، هذا الامتنان لا ينبع فقط من تجاوز الخطر، بل من الانتصار النفسي على الخوف ذاته، فالعبور من هذا المكان الضيق يمثل رمزا للتغلب على المستحيل، ولتحقيق توازن نادر بين الشجاعة والحذر في آنٍ واحد.

تُعتبر تجربة تسلق قبة نصف يوسمايت حلمًا لكل مغامر محترف، لكن المرور عبر “حافة الحمد لله” هو لحظة فارقة في تلك المغامرة، إذ تمثل نقطة تحول من الرهبة إلى الثقة.

المتسلقون الذين وثقوا تجاربهم عبر الصور والفيديوهات وصفوا الشعور بأنه أشبه بالسير على خيط رفيع بين السماء والأرض، وأن كل خطوة تُعد قرارًا مصيريًا، يختبر فيه المرء أقصى درجات التركيز والهدوء الذهني.

ورغم أن الكثير من المتسلقين تمكنوا من عبور الحافة بسلام، إلا أن البعض فقدوا توازنهم في هذا الممر الضيق، ما جعل السلطات تفرض قيودًا صارمة وتشجع على استخدام معدات أمان متقدمة لتقليل المخاطر.

ومع ذلك، لا يزال الموقع يجذب المئات من عشاق المغامرة من جميع أنحاء العالم سنويًا، مدفوعين بشغف التحدي ورغبة في الوقوف على تلك الحافة التي تجمع بين الخطر والجمال في مشهدٍ يخطف الأنفاس.

هكذا تبقى “حافة الحمد لله” أكثر من مجرد جزء من جبل، إنها رمزٌ للشجاعة الإنسانية، وللرغبة في تجاوز الحدود التي تفرضها الطبيعة والخوف، إنها المكان الذي يقف فيه الإنسان وجهًا لوجه أمام هاوية عظيمة، ومع ذلك يختار التقدم بخطوة ثابتة إلى الأمام، مؤمنًا بأن الشجاعة الحقيقية لا تعني غياب الخوف، بل القدرة على السير رغم وجوده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى