الباحة تحتفظ بتراث جبال السروات وتواكب تطوير العمارة الحديثة

تبرز منطقة الباحة في أعالي جبال السروات بطراز معماري سعودي أصيل يعكس ارتباط الإنسان بالبيئة الجبلية وتقاليده المتوارثة، وتتميز مبانيها القديمة بتصاميم تراعي التضاريس والمناخ، ما أسهم في تشكيل هوية معمارية متفردة تجمع بين الجمال والوظيفة العملية، وتعكس انسجام الإنسان مع الطبيعة عبر القرون.
تواصل مشاريع التطوير العمراني في الباحة تطبيق مبادئ العمارة السعودية لتعزيز الهوية المحلية وتحسين جودة الحياة، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030، وقد أُدرجت المنطقة ضمن المرحلة الثانية من الموجهات التصميمية للعمارة السعودية التي أُطلقت في مارس 2025 بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتشمل مشاريع حكومية وتجارية ضمن خريطة وطنية تضم 19 طرازًا معماريًا مستوحى من البيئة والثقافة السعودية.
ووضح الأستاذ المشارك في العمارة وتقنية البناء بجامعة الباحة د. عبدالله هريدي أن الباحة تضم مباني تراثية تسهم في ترسيخ الهوية المعمارية، وتحسين كفاءة الطاقة، ومعالجة التشوه البصري، كما تعزز السياحة من خلال إبراز جماليات العمارة القديمة، مشيرًا إلى أن عمارة جبال السروات تنقسم إلى ثلاثة أنماط رئيسية؛ التقليدي، والانتقالي، والمعاصر، مستمدة من عناصر مثل الحصون والسلالم الخارجية وعمود الزافر، وأن إعادة صياغتها وفق أساليب البناء الحديثة يدعم تطوير مشاريع عمرانية متوافقة مع الهوية المحلية ويحفز الاستثمار.
وأشار هريدي إلى أهمية استخدام مواد البناء الطبيعية مثل الجرانيت والبازلت والأخشاب المحلية، بما يعزز الاقتصاد المحلي ويربط التراث بالمشاريع الحديثة، فيما أشار المواطن محمد الغامدي إلى أن اختلاف التضاريس بين سراة الباحة وتهامتها أدى إلى تنوع أنماط البناء، إذ فرضت كل بيئة طابعها الخاص، واعتمدت العمارة القديمة على عناصر طبيعية للتكيف مع المناخ الجبلي، من سقوف خشبية مغطاة بالطين إلى واجهات حجرية متينة تعكس روح المكان.
شهد الطراز المعماري القديم في الباحة اهتمامًا متزايدًا من السكان الذين بادروا إلى ترميم منازلهم التراثية واستلهام عناصرها في مشاريعهم الحديثة، بما يعزز الهوية العمرانية ويعيد إحياء روح المكان، ويجعل من الباحة نموذجًا يحتذى به في الجمع بين المحافظة على التراث وتطوير البيئة العمرانية الحديثة، بينما تسهم الجهود الحكومية والأهالي معًا في رفع مكانة المنطقة سياحيًا واستثمارياً.





