الذكاء الاصطناعي يقود ثورة الضيافة والسفر في الخليج

يشهد قطاع الضيافة والسفر في دول الخليج تحولاً جذرياً بفعل دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي على خطوط عملياته، إذ باتت هذه الأدوات الحديثة تساهم في تبسيط الإدارة التشغيلية، وتطوير برامج تدريب الموظفين، وتعزيز أساليب جذب العملاء، في وقت تتسارع فيه وتيرة تبني التكنولوجيا المتقدمة لتلبية متطلبات سوق شديد التنافسية ومتغير باستمرار.
في دبي، يترقب عشاق الطهي تجربة فريدة من نوعها مع افتتاح مطعم «ووهو» في سبتمبر المقبل، حيث جرى الاستعانة بنموذج لغوي ضخم متخصص في فنون الطهي يُعرف باسم «الشيف إيه آي مان»، وهو الذي أشرف على تصميم القائمة ومكونات المكان، ليشكل بذلك علامة فارقة في مستقبل المطاعم، حيث يقف الذكاء الاصطناعي شريكاً أساسياً في صياغة التجارب الإنسانية.
توجه متنامٍ
بعيداً عن هذه التجربة الاستثنائية، بدأت شركات كبرى مثل «الاتحاد للطيران» و«أكور هوتيلز» في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن استراتيجياتها التشغيلية اليومية، إدراكاً منها أن السوق العالمي، الذي تُقدر قيمته بعشرة تريليونات دولار، يتجه بخطى متسارعة نحو الاعتماد على هذه التكنولوجيا.
وتشير تقديرات «ماكينزي آند كومباني» إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضيف ما بين تريليوني وأربعة تريليونات دولار قيمة إضافية لهذه الصناعة.
وتوضح البيانات أن سلوك الأجيال الجديدة يعزز هذا التحول، إذ يستخدم 45% من مسافري «جيل زد» الذكاء الاصطناعي بالفعل لتنظيم رحلاتهم، فيما تنخفض النسبة إلى 22% بين «جيل الألفية»، و10% فقط لدى «جيل إكس»، ما يعكس فجوة واضحة في طرق التفاعل مع التكنولوجيا بين الأجيال.
تحولات رقمية
وقال خبير التسويق الرقمي توفيق ميرت عزيز أوغلو إن المسافرين لم يعودوا يعتمدون على محركات البحث التقليدية مثل «غوغل» في خطط سفرهم، بل باتوا يتوجهون مباشرة إلى منصات المحادثة الذكية مثل «تشات جي بي تي» و«جيميني»، ما أجبر شركات الضيافة على إعادة صياغة استراتيجياتها الرقمية بما يتناسب مع استعلامات الذكاء الاصطناعي.
وفي هذا السياق، أجرت مجموعة «كيرتن هوسبيتاليتي» تعديلات جذرية على مواقعها الإلكترونية لتتلاءم مع معايير الفهرسة الجديدة، كما تبنت أسلوباً مختلفاً في صياغة محتواها يركز على استفسارات المسافرين المباشرة، مثل أماكن الإقامة المرتبطة بتجارب محددة في وجهات سياحية مثل العلا.
وتماشياً مع هذه التوجهات، أدخلت المجموعة أدوات بيع تفاعلية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تستجيب لسلوك الضيف في الوقت الفعلي، الأمر الذي استدعى استحداث وظائف جديدة متخصصة في إدارة الأدوات الرقمية داخل قطاع الضيافة.
تدريب متطور
ولا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على التسويق والخدمات فحسب، بل يمتد إلى تدريب الموظفين وإدارة الموارد البشرية، إذ تستعين شركات مثل «الاتحاد للطيران» و«أكور» و«أنانتارا» بأدوات تدريب طورتها شركة «أتيوم» تعتمد على محاكاة تفاعلات حقيقية مع العملاء، ما يوفر برامج تعليمية ديناميكية تعزز من مستوى الأداء المهني.
وأكد مات سبريغل، الرئيس التنفيذي لشركة «أتيوم»، أن هذه الحلول توفر نطاقاً واسعاً من التدريب المتواصل، وتمنح الموظفين فرصة إتمام البرامج عبر أجهزتهم الشخصية، ما يقلل من الحاجة إلى أيام تدريبية مكثفة، ويضمن في الوقت نفسه مستوى ثابتاً من الجودة والكفاءة.
وبحسب سبريغل، تكمن قوة هذه الأدوات في الجمع بين النطاق الكبير والاتساق في الأداء، إضافة إلى القدرة على تكييف المحتوى محلياً وتوفير الوقت، وهي مزايا تمنح قطاعي الضيافة والسفر في الخليج ميزة تنافسية في عالم سريع التغير.





