اكتشاف تمساح منقرض يعود للعصر البليستوسيني شرق السودان بعد 90 ألف عام

أعلن فريق بحثي مشترك من السودان وألمانيا عن اكتشاف أحفورة نادرة لتمساح منقرض في منطقة شرق السودان، يعود تاريخه إلى نحو 90 ألف سنة، وذلك خلال أواخر العصر البليستوسيني، حيث عُثر على الجمجمة شبه المكتملة داخل تكوينات رسوبية موثقة جيولوجياً على نهر عطبرة، في واحد من أبرز الاكتشافات الأحفورية الحديثة التي تُسلط الضوء على التنوع البيولوجي في شرق أفريقيا خلال العصور القديمة.

اعتمد الفريق في دراسته التي نُشرت في الأول من أغسطس الجاري بمجلة “ساينتفك ريبورتس” العلمية على فحوص دقيقة للجمجمة، وخلص إلى أن التمساح المكتشف ينتمي إلى نوع غير معروف سابقاً، أُطلق عليه اسم “كروكودايلوس سوداني”، ليصبح بذلك أول نوع يتم تصنيفه رسمياً من تلك الحقبة في القارة الأفريقية، ما يعكس وجود سلالة مستقلة من التماسيح ظلت مجهولة لآلاف السنين رغم تشابهها الظاهري مع أنواع أخرى.

أوضح الباحث الجيولوجي خلف الله صالح، المشارك في الدراسة، والمنتسب إلى متحف التاريخ الطبيعي ببرلين وجامعة النيلين السودانية، أن الفريق أجرى تحليلاً شاملاً باستخدام الفحص المقطعي والتقنيات الحديثة، حيث أظهرت الجمجمة خصائص تشريحية فريدة، أبرزها ارتفاع في الجزء العلوي من الفك، وغياب في بعض العظام المرتبطة بسقف الجمجمة، بالإضافة إلى فتحات أنفية أمامية موجهة إلى الأعلى، وبروزات عظمية واضحة في مقدمة الجمجمة، وهي سمات لم تسجل في أي نوع أفريقي آخر معروف.

لفت الفريق إلى أن هذه النتائج رغم اعتمادها على عينة واحدة فقط من موقع محدد، إلا أنها تُعد مؤشراً محتملاً على وجود تنوع غير مكتشف داخل جنس “كروكودايلوس”، يشير إلى سلالات إقليمية متميزة ربما تم تجاهلها في الماضي، بسبب التشابه الظاهري مع تمساح النيل أو تمساح غرب أفريقيا، ما يفتح الباب أمام المزيد من الدراسات في المناطق النهرية السودانية للكشف عن المزيد من الأحافير المدفونة تحت التكوينات الرسوبية.

يعكس هذا الاكتشاف الأهمية العلمية الفريدة للمواقع الجيولوجية في السودان، ويُبرز مساهمة الباحثين المحليين في توثيق التراث الطبيعي لأفريقيا، ويعيد النظر في التصنيف التطوري لأنواع التماسيح، كما يعزز فهم العلماء للتحولات البيئية التي شهدتها القارة خلال أزمنة ما قبل التاريخ.