أخبار سياحيةسياحه بحرية

بحيرات ألمانيا تفتح أبوابها لسياحة صيفية هادئة ومبهرة

استقطبت بحيرات ألمانيا هذا الصيف اهتمام عدد كبير من المسافرين الباحثين عن ملاذ طبيعي بعيد عن الزحام، مع ارتفاع درجات الحرارة في مختلف أنحاء أوروبا، إذ توفّر هذه الوجهات المائية الموزّعة بين الجنوب والشمال، تجربة سياحية استثنائية تمزج بين نقاء المياه، وخضرة الغابات، ورحابة السماء، ضمن أجواء تفيض بالهدوء والانسيابية.

وتقدّم ألمانيا لعشّاق الطبيعة خيارات غنية تجمع بين المغامرة والاسترخاء، حيث يمكنهم التجديف فوق بحيرات صافية، أو قيادة الدراجات وسط التلال، أو الاستمتاع بنوم هادئ على متن قوارب عائمة تحت سماء صافية تلمع بالنجوم.

انطلقت إحدى الرحلات النموذجية لعشاق المناظر الجبلية من بحيرة كونستانس، مروراً بتلال ألغاو الخضراء وبحيرات مثل تيغيرنزيه وشلييرزيه، وصولاً إلى قرى خرافية وكنوز معمارية مثل قصر نويشفانشتاين.

ويتوجّ الرحلة الوصول إلى بحيرة كونيغسِه، التي تقع بين جبال بيرشتسغادن الشاهقة، حيث يعبر الزوار مياهها الزمردية في قوارب كهربائية صامتة، تنقلهم بهدوء نحو خلجان مخفية وكنيسة سانت بارثولوما ذات القبة المميزة، في تجربة تفيض بالسكينة وتلامس أعماق النفس.

أما شمال العاصمة برلين، فتمتد منطقة بحيرات مكلنبورغ على رقعة واسعة تُعرف بـ«أرض الألف بحيرة»، وتضم بحيرة موريتس، أكبر بحيرة داخلية في البلاد.

وتُعد هذه المنطقة ملاذًا مثالياً للراغبين في وتيرة سفر أبطأ وأكثر قرباً من البيئة، حيث تتوزع على الضفاف الأكواخ الخشبية والقرى الصغيرة، وتتوفر قوارب التجديف والمنازل العائمة التي تتيح للزوار تجربة الإقامة فوق الماء دون الحاجة لرخصة قيادة.

وتُكمّل تجربة الماء مغامرات على اليابسة، من خلال مسارات المشي والدراجات الهوائية في منتزه موريتس الوطني، الذي يزخر بأنواع نادرة من الطيور مثل الكركي والنسر، فضلاً عن فرص فريدة لرصد النجوم في الليل وسط محميات بعيدة عن التلوث الضوئي.

وتكتمل الصورة السياحية بجمال الساحل الشمالي، حيث تمتد منطقة مكلنبورغ – ويسترن بوميرانيا حتى بحر البلطيق، وتضم مدنًا تاريخية مثل فيسمار وشترالسوند المصنّفتين ضمن التراث العالمي لليونسكو.

هنا، تتناغم العمارة القوطية مع نسمات البحر، في مشهد يستعيد أجواء رابطة الهانزا وتاريخها التجاري المزدهر.

وتستقبل المنتجعات الساحلية الزوار الباحثين عن الصحة والعافية، وتقدّم شواطئ ناعمة ومرافق استشفائية وسط أبنية تعود إلى زمن «البيل إيبوك» أو العصر الجميل.

ولا تقتصر سهولة الوصول إلى هذه المناطق على القادمين من المدن الكبرى مثل برلين أو هامبورغ، إذ توفر شبكة القطارات الألمانية السريعة، بما فيها خطوط InterCity وICE، رحلات مباشرة ومريحة، إلى جانب بطاقات زوار محلية تسمح بالتنقل المجاني داخل الحافلات الإقليمية، ما يشجع على السفر المستدام والخالي من السيارات.

وتتميّز ألمانيا بحماية ثلث مساحتها البرية، ما يجعلها واحدة من أغنى الدول الأوروبية من حيث التنوع البيئي، وتضم ضمن حدودها ثلاث مواقع طبيعية مصنفة عالميًا، و18 محمية بيئية، و16 منتزهًا وطنيًا، وأكثر من 100 حديقة طبيعية.

ويُمكن للمسافرين الاستمتاع بهذا الزخم الطبيعي عبر شبكة هائلة من المسارات التي تبلغ 300 ألف كيلومتر للمشي، و76 ألف كيلومتر لركوب الدراجات، تمرّ بين البحيرات الهادئة والغابات المورقة، والوديان المتعرجة، والمشاهد الألبية الخلابة.

وبينما يغطي الغطاء الحرجي ثلث البلاد، فإنه يمنح بدوره الأمان البيئي، والنقاء، وهدوء النفس، ليحوّل تجربة السفر في ألمانيا إلى لحظة تأمل وانسجام لا تُنسى.

المصدر: القبس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى