شهارة .. جسر جبلي يمني من القرن الماضي يختصر المسافات الوعرة

أنشأ اليمنيون جسر شهارة في مطلع القرن العشرين ليربط بين جبلين شاهقين وسط تضاريس وعرة شديدة الانحدار، ويختصر طريقًا كان يستغرق أيامًا طويلة لعبور الوديان والانحدارات القاسية، حيث يعود بناء الجسر إلى عام 1905 في عهد الإمام يحيى حميد الدين، الذي وجّه بإنشائه لتسهيل الحركة والتنقل بين مناطق شمال اليمن الجبلية.
يمتد الجسر على أخدود عميق يفصل بين جبل شهارة الأمير وجبل شهارة الفيش، بطول يصل إلى عشرين مترًا، وعرض لا يتجاوز ثلاثة أمتار، ويعد من أبرز المنشآت الهندسية التاريخية في اليمن، حيث استخدم في بنائه الحجر المحلي وتوزعت الكتل الصخرية بدقة لتتحمل الظروف المناخية القاسية والانحدار الحاد للموقع، كما رُوعي في تصميمه تثبيت الأساسات في الصخور الصلبة لضمان ثباته واستقراره رغم مرور أكثر من قرن على بنائه.
ساهم الجسر في توفير الكثير من الوقت والجهد على سكان المناطق الجبلية الذين كانوا يضطرون لسلك طرق طويلة محفوفة بالمخاطر لعبور الفجوة العميقة بين الجبلين، كما ساعد على تعزيز التبادل التجاري والزراعي في تلك المناطق التي كانت تعاني من العزلة، وأصبح لاحقًا معلمًا سياحيًا بارزًا يقصده الزوار لمشاهدة الجمال الطبيعي والبناء الهندسي الفريد.
لم تُستخدم في بناء الجسر أي معدات حديثة، واعتمدت الأعمال بالكامل على جهود الأهالي والعمال المحليين باستخدام أدوات تقليدية، مما يعكس مستوى الحرفية الهندسية الذي كان سائدًا في تلك المرحلة، حيث صُمم الجسر بمنحنيات دقيقة تسمح بمرور الأفراد والبضائع دون التأثير على التوازن الهيكلي للبناء، وما يزال صامدًا حتى الآن في مواجهة التعرية والتقلبات الجوية.
تحول جسر شهارة إلى رمز للتراث المعماري اليمني وقدرته على التكيّف مع التضاريس القاسية، ويجسد مزيجًا من الابتكار المحلي والوظيفة العملية، إذ لم يكن مشروعًا جماليًا فقط، بل ضرورة فرضتها الجغرافيا، وهو ما جعله أحد أبرز النماذج على البنية التحتية القديمة التي سبقت أدوات التخطيط الحضري الحديث ولبّت احتياجات المجتمعات الجبلية بطرق فعالة ومباشرة.
المصدر: سوشيال ميديا





