خط غرينتش يقسم الأرض ويحدد توقيت العالم

يمر خط غرينتش عبر ثلاث قارات رئيسية، هي أوروبا وأفريقيا والقارة القطبية الجنوبية، ويتقاطع مع ثماني دول تتوزع بين الشمال والجنوب، وهي إنجلترا وفرنسا وإسبانيا والجزائر ومالي وبوركينا فاسو وتوغو وغانا، ما يجعلها تتشارك في اعتماد توقيت موحد يستند إلى هذا الخط، الذي يُعرف بأنه خط الطول الصفري.
هذا الامتداد الجغرافي الكبير للخط يعبّر عن أهميته المحورية في تنظيم التوقيت العالمي، ويفسر السبب الذي جعله يُعتمد دوليًا كمرجع أساسي لحساب الزمن.
سُمي خط غرينتش بهذا الاسم نسبة إلى منطقة غرينتش الواقعة في العاصمة البريطانية لندن، حيث يمر الخط فعليًا من خلالها، وهو ليس خطًا ملموسًا يمكن رؤيته على الأرض، بل خط افتراضي تتحدد على أساسه خطوط الطول الأخرى شرقًا وغربًا.
وتُقسَّم الكرة الأرضية بناءً عليه إلى نصفين، أحدهما شرقي والآخر غربي، في حين يبلغ إجمالي عدد خطوط الطول 360 خطًا، تتوزع بين 180 شرق الخط و180 غربه، ويشكّل هذا التقسيم الأساس الذي يُعتمد عليه في رسم الخرائط وتحديد المواقع وفي أنظمة الملاحة الحديثة.
ويؤدي هذا الخط دورًا حيويًا في احتساب الوقت بدقة، إذ إن الشمس، في حركتها الظاهرية من الشرق إلى الغرب، تحتاج إلى نحو 4 دقائق لعبور كل خط طول، ما يعني أنها تعبر 15 خطًا في الساعة الواحدة، وهو ما يعادل دورة زمنية واحدة.
ووفق هذا الحساب، تتم الشمس عبورها لجميع خطوط الطول، أي 360 خطًا، في غضون 24 ساعة، وهي المدة التي تستغرقها الأرض لتُكمل دورة كاملة حول محورها، مما يجعل من هذه الدورة نظامًا متكاملاً لتنظيم الزمن العالمي.
وتختلف المسافة بين كل خط طول وآخر بحسب موقعها الجغرافي على الكرة الأرضية، فعند خط الاستواء، تبلغ المسافة الفاصلة بين كل خطين حوالي 111 كيلومترًا، نظرًا لاستدارة الأرض وعرضها في تلك المنطقة، لكنها تبدأ بالتناقص تدريجيًا كلما اقتربنا من القطبين، حيث تلتقي جميع الخطوط في نقطتين هما القطب الشمالي والقطب الجنوبي، لتصبح المسافة بينها عند هاتين النقطتين صفرًا، وهذا التلاقي يجعل من خطوط الطول نظامًا متدرجًا ودقيقًا، يخضع لتغيرات الموقع والعرض الجغرافي، مما يضفي على نظام الزمن والتوقيت العالمي بعدًا هندسيًا وجغرافيًا في آن واحد.
ويُمكن القول إن خط غرينتش لا يمثل فقط رمزًا للتوقيت العالمي الموحد، بل هو أيضًا عنصر تنظيمي دقيق يربط بين الجغرافيا والزمن، ويعزز من إمكانات الإنسان في إدارة الوقت وتحديد الموقع بدقة غير مسبوقة في التاريخ، سواء في الرحلات الجوية والبحرية أو في أنظمة الاتصالات والملاحة المعتمدة على الأقمار الصناعية.
المصدر: سوشيال ميديا





