مطماطة التونسية تجذب السياح ببيوتها المحفورة تحت الأرض

تحولت قرية مطماطة الواقعة في الجنوب الشرقي من تونس إلى إحدى أبرز الوجهات السياحية في البلاد، بعدما كشفت بيوتها المحفورة تحت الأرض عن نموذج فريد في التكيّف مع الظروف المناخية القاسية، إذ عكست هذه المساكن التقليدية قدرة الإنسان على مواجهة الطبيعة بأساليب معمارية مبتكرة.
وتمتد القرية وسط تضاريس من التلال والصخور الرملية التي نحتها الزمن، وتضم شبكة من البيوت المنحوتة بعناية في باطن الأرض، ما يجعلها وجهة استثنائية تجمع بين الجمال الطبيعي والتاريخ الإنساني.
بدأ سكان مطماطة ببناء هذه البيوت منذ أكثر من 2000 عام، باستخدام أساليب العمارة البربرية المعتمدة على الكهوف واللبنات الطينية، ما وفر لهم حماية من حرارة الصيف وبرودة الشتاء والعواصف الرملية التي تميز مناخ المنطقة.
وتبدو البيوت وكأنها امتداد لصخور الأرض، حيث تظهر الفتحات الدائرية على السطح فيما تقع الغرف في العمق، وهو ما يمنحها عزلاً حراريًا طبيعيًا ساعد السكان على الاستقرار في بيئة يصعب العيش فيها بطرق البناء التقليدية.
ويحيط بهذه البيوت وادٍ محاط بتلال من الحجر الرملي، ما يعزز الطابع الخفي للقرية ويمنحها طابعًا فريدًا يصعب العثور عليه في مكان آخر.
وشهدت مطماطة شهرة عالمية بعد أن اختارتها فرق الإنتاج السينمائي لتكون موقعًا لتصوير أحد أفلام سلسلة “حرب النجوم” في سبعينيات القرن الماضي، ما ساهم في تسليط الضوء على نمطها المعماري النادر، ورفع مكانتها كوجهة سياحية يقصدها آلاف الزوار سنويًا من مختلف أنحاء العالم.
وتحوّلت بعض البيوت إلى نُزل سياحية تقدم للزوار تجربة الإقامة تحت الأرض، وتتيح لهم التعرّف على ثقافة السكان المحليين وأنماط حياتهم اليومية.
ويعتبر سكان القرية أن هذه المساكن ليست مجرد بيوت، بل تمثل رمزًا للهوية ومصدرًا للفخر، إذ تم بناؤها بأدوات بسيطة وبأيدٍ محلية اعتمدت على نقل المعرفة من جيل إلى آخر دون أي تدخل هندسي حديث، كما ساهم تزايد الإقبال السياحي في توفير مصادر دخل جديدة لأهالي القرية الذين بدأوا في تطوير مشاريع صغيرة لعرض الحرف اليدوية والمنتجات المحلية التقليدية المرتبطة بثقافة البربر.
وتشير البيانات السياحية إلى أن مطماطة أصبحت واحدة من المحطات الأساسية ضمن البرامج السياحية للجنوب التونسي، وتستقطب الزوار الباحثين عن تجربة ثقافية مميزة تتجاوز النمط التقليدي للسياحة، ما يعزز فرص الاستثمار في هذا النمط من السياحة التراثية التي ترتكز على البيئات غير النمطية والقصص المعمارية الفريدة.
كما بدأت جهات محلية تعمل على ترميم بعض البيوت وتحسين البنية التحتية لتواكب الطلب السياحي دون الإخلال بالهوية الأصلية للقرية.
المصدر: الجريدة الكويتية





