“المعملة”.. موقع تاريخي يكشف أسرار التعدين القديم في الباحة

موقع “المعملة” الأثري في محافظة العقيق بمنطقة الباحة هو واحد من أقدم المواقع التعدينية في المملكة، ويعود تاريخه إلى أكثر من 3000 عام، حيث يُعتقد أنه يعود إلى الفترة التي تسبق الميلاد بحوالي ألف سنة.

يعتبر هذا الموقع من المعالم التاريخية البارزة في المنطقة، وذلك بفضل ما يحتويه من آثار تبيّن براعة الأجداد في مجالات التعدين والزخرفة، مما يجعل “المعملة” من أهم الاكتشافات الأثرية في المملكة.

تتمثل أهم مكونات هذا الموقع في العديد من العناصر المعمارية التي تضم بقايا جدران مبنية من أحجار الجرانيت، بالإضافة إلى العديد من المنشآت المعمارية مثل 8 غرف، 4 مستودعات، 3 أفران، و5 دعامات. كما يحتوي الموقع على العديد من القطع الأثرية التي تشمل 61 قطعة من الأواني الفخارية والزجاجية والحجرية.

تحتوي هذه الأواني على فوهات وأبدان وقواعد وأغطية مختلفة، فضلاً عن العديد من المدقات والمساحن والقطع المعدنية، والتي تشير جميعها إلى تطور تقنيات التعدين التي كانت سائدة في تلك الفترة.

من أبرز المكتشفات في “المعملة” مسرجة مصنوعة من الحجر الصابوني، إضافة إلى جزء علوي لجرة فخارية مزججة، وجرة أخرى تحمل نقوشًا إسلامية، مما يعكس تنوع الفترات الزمنية التي شهدها الموقع.

كما يظهر الموقع بموقعه الاستراتيجي في منطقة تعتبر من الطرق التجارية القديمة، مثل “طريق الفيل”، التي كانت تستخدم من قبل القوافل التجارية.

سعيد الغامدي، المهتم بتاريخ منطقة الباحة، أكد أن “المعملة” كانت منجمًا رئيسيًا لاستخراج المعادن، حيث تحتوي على حجارة الكوارتز البيضاء التي تدل على استخراج الذهب.

كما كشف الغامدي عن وجود حوالي 100 منزل في الموقع، لا يتجاوز ارتفاع أي منها المتر، بالإضافة إلى شبكة من الطرق والأخاديد، التي تمتد لمسافة 90 مترًا، بعرض يتراوح بين مترين و6 أمتار، وعمق يصل إلى 12 مترًا.

إلى جانب ذلك، أشار الغامدي إلى العديد من النقوش والكتابات التي تعود إلى الفترة العباسية، وكذلك نقش يعود إلى العصر العثماني، حيث يظهر تاريخ 1218هـ، مما يبرز عمق التاريخ الذي يختزنه الموقع.

كما يُعتبر الموقع محط اهتمام كبير من قبل الباحثين في التراث والتاريخ نظرًا لأهمية موقعه بالقرب من طرق التجارة القديمة التي سلكها التجار والحجاج في طريقهم إلى مكة المكرمة.

يعد موقع “المعملة” جزءًا من مجموعة من المواقع التاريخية والتراثية الغنية في منطقة الباحة، مثل منجم العبلاء ومنجم شواص، والتي تشهد على تطور التعدين والاقتصاد المحلي في العصور القديمة.

وتُعتبر الباحة واحدة من أغنى المناطق بالتراث الثقافي في المملكة، حيث سجلت هيئة التراث في السجل الوطني للتراث العمراني أكثر من 1500 موقع تاريخي وتراثي في المنطقة.