-- سلايدر --سياحة و سفر

فقع الحدود الشمالية.. مغامرة في قلب الصحراء

تشهد منطقة الحدود الشمالية في السعودية إقبالاً كبيراً مع بداية موسم الفقع (الكمأة)، الذي يبدأ في الأشهر التي تلي موسم الأمطار، بين شهري يناير ومارس.

يعتبر الفقع من أهم النباتات البرية التي تنمو في الصحراء، ويتميز بنكهته الفريدة التي تضفي طعماً لذيذاً على الأطباق المحلية، مما يجذب عشاق الطبيعة والمغامرات في قلب الصحراء.

يتوجه العديد من هواة التراث والطبيعة إلى المناطق الصحراوية مثل “الصحين” في الحدود الشمالية، التي تعتبر واحدة من أشهر مواقع البحث عن الفقع. هذا النبات الذي يرتبط بنموه بظروف خاصة، يحتاج إلى الأمطار الموسمية التي تتساقط في فترة الشتاء، حيث تخلق هذه الأمطار بيئة خصبة في التربة الرملية أو الطينية التي تعتبر الأنسب لظهور الفقع.

تتراوح مدة نمو الفقع بين 50 إلى 70 يومًا، ويعتمد ذلك على كثافة الأمطار في المنطقة. تختلف الأنواع التي يتم العثور عليها في هذه الرحلات بين الزبيدي الكبير، الخلاسي، الجبي، والهوبر، الذي يعد أصغر الأنواع حجماً.

يحرص هواة الفقع على استخدام أدوات بسيطة ولكن فعّالة مثل “العصي” الطويلة لتحريك التربة، بالإضافة إلى “المساحي” لإزالة الطبقة السطحية من التربة دون إلحاق الأذى بالنبتة.

وقد تم توارث هذه المهارات عبر الأجيال، حيث تعلم الهواة تحديد مواقع نمو الفقع من خلال الخبرات المتراكمة والملاحظة الدقيقة لطبيعة الأرض والظروف المناخية.

يعد موسم الفقع فرصة لتعزيز التراث الثقافي والاجتماعي في المنطقة. فالفقع لا يقتصر فقط على كونه طعاماً لذيذاً، بل يحمل في طياته تاريخاً عميقاً وجزءاً من هوية المجتمعات الصحراوية. يجتمع الأهالي في هذا الموسم لتبادل الخبرات واحتساب الغنائم من هذا الكنز الطبيعي.

كما أن الاهتمام المتزايد بهذا الموسم يساهم في توعية الأجيال الجديدة بأهمية الحفاظ على البيئة الصحراوية، بما فيها الموارد الطبيعية مثل الفقع الذي يعكس التنوع البيئي في المنطقة.

لا تقتصر مغامرة البحث عن الفقع على جمع النباتات فقط، بل تعد تجربة غنية للمشاركين. فهي فرصة لاكتشاف الصحراء بكل جمالها ومخاطرها، وارتباط الإنسان بالبيئة من خلال معرفة أسرارها ومكوناتها.

وبالرغم من الصعوبات التي قد يواجهها المغامرون في البحث عن الفقع، إلا أن المكافأة تكمن في إيجاد هذه الكنوز الطبيعية التي توفر قيمة غذائية وصحية كبيرة، فضلاً عن الطعم المميز الذي يعزز المأكولات المحلية.

موسم الفقع في الحدود الشمالية يعد من أبرز الأنشطة التي تجمع بين الطبيعة والتراث، وتستمر هذه المغامرات في إبراز جمال الصحراء وعراقتها، وتعكس ارتباط الإنسان بالبيئة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى