ظاهرة تعامد الشمس على معابد الكرنك تجذب آلاف الزوار
توافد آلاف الزائرين من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى المصريين، إلى معابد الكرنك في محافظة الأقصر لمتابعة ظاهرة فلكية فريدة، وهي تعامد الشمس على المحور الرئيسي للمعبد.
هذه الظاهرة، التي تحدث في يوم 21 ديسمبر من كل عام، تصادف بداية فصل الشتاء، وتعد حدثًا تاريخيًا يجسد عبقرية الفراعنة في ربط علم الفلك بالهندسة المعمارية.
وفي أجواء مهيبة، أضاءت الشمس المقصورة المقدسة للزورق التي بناها الملك فيليب أرهيدايوس، أخو الإسكندر الأكبر، كما تركزت أشعتها على المحور الممتد للمعبد من الشرق إلى الغرب، وقد تابع الزوار هذا العرض الطبيعي الرائع من منطقة ميناء معابد الكرنك، أمام واجهة المعبد الرئيسية.
احتفالية فنية وفلكية
بدأ الحدث مع استقبال الأطفال من الكشافة الذين ارتدوا الأزياء الفرعونية، حيث قدموا الورود والهدايا التذكارية للزوار، وأداء فقرات فنية مستوحاة من الفن المصري القديم، في حين كانت الأجواء تعج بموسيقى الهارب التي أضافت لمسة من السحر على المناسبة.
وفي إطار التوعية بالفلك والحضارة المصرية القديمة، ألقى الأستاذ محمود العديسي، مدير إدارة الوعي الأثري، محاضرة تثقيفية تناولت أهمية هذه الظاهرة الفلكية وكيفية ارتباطها بالإبداع المعماري للمصريين القدماء.
وقد تحدث العديسي عن قدرة الفراعنة في دمج علوم الفلك مع المعمار، ما جعل هذا التنسيق يحدث بشكل دقيق يتناسب مع الحسابات الفلكية.
رؤية أثرية تاريخية
وقد أكد الأستاذ عبدالخالق حلمي، مدير عام آثار الكرنك، أن هذه الظاهرة ليست مجرد حدث فلكي، بل هي شهادة على براعة المصريين القدماء في دمج العلم بالعمارة، حيث إن تعامد الشمس يضيء، كل عام، مقصورة الزورق المقدس لأمون رع في معابد الكرنك، ويحدد بدقة المحور الرئيسي الممتد من الشرق إلى الغرب، هذا المحور يمر عبر مداخل الصروح، ويمتد إلى قاعة الأساطين الكبرى في المعبد، ليظهر في نهايته عند ميناء الكرنك.
وأشار حلمي إلى أن هذه الظاهرة تتزامن مع بناء معابد الكرنك التي تم التخطيط لها بحيث تتماشى مع التحولات الفلكية، لتتيح للأشعة أن تتعامد على المحور في هذا الوقت من السنة تحديدًا.
إحياء التراث وتفاعل الزوار
وقد شهدت هذه الاحتفالية الفلكية إقبالًا كبيرًا من السياح والزوار المحليين الذين توافدوا على الموقع من مختلف الدول، إضافة إلى اهتمام الإعلام المحلي والدولي الذي غطى الحدث بشكل واسع، مما يعكس أهمية الظاهرة في جذب الأنظار إلى التراث المصري العريق.
يظل معبد الكرنك واحدًا من أهم المعالم التاريخية في مصر، ويؤكد الحدث السنوي لتعامد الشمس على المحور الرئيسي للمعبد على عبقرية المصريين القدماء وقدرتهم على دمج العلوم الفلكية مع فنون العمارة في إبداع استثنائي.