القطاع السياحي في السعودية يساهم بـ 4% من الناتج المحلي الإجمالي وسط تطلعات لنمو مستدام
يشهد القطاع السياحي في المملكة العربية السعودية نمواً ملحوظاً، حيث أصبح يساهم بنحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مما يعكس الدور الحيوي الذي يلعبه هذا القطاع في دعم الاقتصاد السعودي وتنويعه.
جاء هذا التصريح من ذهبية غوبتا، مديرة التصنيفات السيادية في وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني، التي أكدت أن السياحة تعد من القطاعات الواعدة في السعودية، والتي من المتوقع أن تسهم بشكل كبير في تعزيز التصنيف الائتماني للبلاد.
مساهمة القطاع غير النفطي
أشارت غوبتا إلى أن القطاع السياحي يمثل جزءاً من الاقتصاد غير النفطي المتنامي في السعودية. وأوضحت أن الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي يشكل حالياً حوالي 70% عند إضافة الإنفاق الحكومي، و50% بدونه. وتعد هذه الأرقام انعكاساً للتغيرات الكبيرة التي شهدها الاقتصاد السعودي في إطار رؤية 2030، حيث كان الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي يشكل في السابق حوالي 65% عند إضافة الإنفاق الحكومي و45% بدونه. يعكس هذا التطور السريع التحول الاقتصادي والاجتماعي الكبير الذي تشهده المملكة، مع تركيز واضح على تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط.
رؤية 2030 وتحول الاقتصاد السعودي
تأتي هذه الأرقام في سياق رؤية 2030 التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل الوطني. ومنذ الإعلان عن هذه الرؤية الطموحة، بدأت السعودية في توجيه استثمارات كبيرة نحو تطوير قطاعات جديدة مثل السياحة، والصناعة، والتكنولوجيا، في إطار جهودها لتنويع الاقتصاد. ووفقاً لتوقعات “ستاندرد آند بورز”، من المتوقع أن تشهد الاستثمارات في هذه القطاعات تسارعاً خلال السنوات القادمة، مما يعزز من آفاق النمو الاقتصادي.
توقعات للنمو المستقبلي
أضافت غوبتا أن السعودية من المتوقع أن تشهد نمواً اقتصادياً قوياً خلال الفترة من 2025 إلى 2027، مدعوماً بزيادة الإنتاج النفطي والنمو في القطاع غير النفطي. ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد السعودي بمعدل متوسط يبلغ 4.3% خلال هذه الفترة. وتشير التقديرات إلى أن قطاعات البناء والبنية التحتية والخدمات ستكون من بين أبرز القطاعات المستفيدة من هذا النمو، بدعم من الاستثمارات الحكومية المتزايدة والطلب الاستهلاكي المتنامي.
التحديات المحتملة
على الرغم من التوقعات الإيجابية للنمو الاقتصادي، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تؤثر على هذه الآفاق، منها تقلبات أسعار النفط، التي تعتمد بشكل كبير على الطلب العالمي وخاصة من الصين. كما أن أي انخفاض في الإنتاج النفطي قد يؤدي إلى زيادة ضغوط التمويل على الحكومة، مما يرفع من مخاطر تنفيذ رؤية 2030. ورغم هذه التحديات، فإن رؤية القيادة السعودية لتطوير قطاعات جديدة مثل السياحة تعتبر خطوة استراتيجية تهدف إلى تقليل هذه المخاطر وتعزيز استدامة الاقتصاد السعودي على المدى الطويل.
تصنيف ائتماني قوي ونظرة مستقبلية إيجابية
في إطار هذه التطلعات، أكدت وكالة “ستاندرد آند بورز” مؤخراً تصنيفها الائتماني للمملكة العربية السعودية عند “A/A-1” بالعملة المحلية والأجنبية، مع تعديل النظرة المستقبلية من مستقرة إلى إيجابية. يأتي هذا التعديل الإيجابي في ظل التوقعات بأن الاقتصاد السعودي سيواصل النمو والتوسع في القطاعات غير النفطية، مع استمرار الحكومة في تنفيذ استراتيجياتها الطموحة لتنويع مصادر الدخل وتحقيق التنمية المستدامة.
السياحة كركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية
السياحة تمثل الآن ركيزة أساسية في خطط السعودية لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة. فمن خلال مشاريع ضخمة مثل “نيوم” و”القدية” والجهود المبذولة لتعزيز السياحة الدينية والترفيهية، تسعى المملكة لجذب ملايين السياح سنوياً، مما سيعزز من مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي. كما تسعى الحكومة إلى تطوير بنية تحتية سياحية متكاملة، تشمل الفنادق الفاخرة، والمرافق الترفيهية، والمطارات الحديثة، لضمان تجربة سياحية متميزة تلبي توقعات الزوار المحليين والدوليين.
استثمارات مستقبلية في السياحة
في إطار رؤية 2030، تخطط السعودية لزيادة الاستثمارات في قطاع السياحة، حيث تعمل على تطوير مجموعة من المشاريع السياحية الكبرى على طول ساحل البحر الأحمر وفي مناطق أخرى من المملكة. وتشمل هذه المشاريع إنشاء منتجعات سياحية فاخرة ومناطق جذب ثقافية وتراثية، بهدف جذب مزيد من السياح من جميع أنحاء العالم. ومن المتوقع أن تساهم هذه المشاريع في تعزيز مكانة السعودية كوجهة سياحية عالمية، مما سيزيد من فرص العمل ويسهم في تعزيز الإيرادات الحكومية.