صحة و جمال

استنبات نماذج حيوية تحاكي نبضات القلب الحقيقي

كشفت دراسة حديثة أجريت في جامعة ميتشغان الأمريكية عن ابتكار قلوب بشرية صغيرة مزروعة داخل المختبر، حيث تمكنت هذه النماذج من محاكاة بعض الوظائف الحيوية للقلب الحقيقي بدقة لافتة، وتضمنت التجارب مراقبة اضطرابات النبض التي ترتبط عادة بمرض الرجفان الأذيني الشائع.

أوضحت الدراسة المنشورة في مجلة سيل ستيم سيل العلمية المرموقة أن هذه القلوب المصغرة تسمى العضيات القلبية، إذ جرى تطويرها بالاعتماد الكلي على خلايا جذعية بشرية متطورة، وقد نجحت هذه الخلايا في التمايز والتحول إلى أنسجة حية تشبه في تكوينها حجرات القلب.

أظهرت النتائج الأولية قدرة هذه الأنسجة المستنبتة على إصدار أنماط نبض قريبة جداً من النبض البشري الطبيعي، مما سمح للفريق البحثي بمراقبة التفاعلات الحيوية داخل النسيج بشكل مباشر، وساعد هذا التطور في فهم الكيفية التي تعمل بها العضلة القلبية في ظروفها المختلفة.

بيّن الباحثون المشاركون في التجربة أن تعريض هذه القلوب المصغرة لظروف التهابية مزمنة أدى لنتائج مخبرية مهمة، حيث ظهرت حالات من عدم انتظام ضربات القلب تحاكي تماماً ما يحدث عند الإصابة بالرجفان الأذيني، وهو ما أتاح دراسة تأثير الالتهاب على النسيج.

اختبر العلماء من خلال هذا النموذج الحي مجموعة من الأدوية المحتملة القادرة على علاج اضطرابات النظم القلبي، وساهمت هذه العضيات في رصد استجابة الأنسجة للعلاجات وقدرتها على استعادة الانتظام الجزئي للنبض، مما يوفر بيانات طبية دقيقة حول فاعلية العقاقير المقترحة.

أشارت التقارير العلمية إلى أن هذا الابتكار يمثل نقلة نوعية كبرى في مجال أبحاث القلب والأوعية الدموية، فهو يوفر نموذجاً بشرياً حياً يمكن الاعتماد عليه كبديل متطور عن النماذج التقليدية، ويفتح الباب أمام تطوير بروتوكولات علاجية جديدة وأكثر أماناً للمرضى.

يساهم استخدام هذه العضيات القلبية في تقليل الاعتماد الواسع على التجارب الحيوانية التي قد لا تعطي نتائج مطابقة للإنسان، كما يعمل هذا التوجه على تسريع عمليات اختبار الأدوية الحديثة قبل طرحها في الأسواق، مما يقلل المخاطر المحتملة للتفاعلات الكيميائية.

تستهدف التقنية الجديدة تحسين فرص علاج اضطرابات نظم القلب المستعصية في المستقبل القريب من خلال الفهم العميق للخلل الوظيفي، وتمنح العلماء وسيلة فعالة لمراقبة التغيرات المرضية في بيئة مخبرية محكومة بالكامل، مما يعزز من كفاءة الأبحاث الطبية الموجهة.

تؤكد المعطيات الصادرة عن جامعة ميتشغان أن دمج الخلايا الجذعية في صناعة النماذج الحيوية هو مستقبل الطب الحديث، حيث تتيح هذه القلوب الصغيرة إمكانيات غير مسبوقة في تشخيص الأمراض واختبار الحلول، وهو ما يخدم تطلعات القطاع الصحي في علاج الأمراض المزمنة.

استخدم الفريق البحثي تقنيات متقدمة لضمان استمرارية حياة هذه العضيات لفترات كافية لإجراء الملاحظات السريرية اللازمة، وتستمر الأبحاث حالياً لتطوير هذه النماذج لتشمل وظائف أكثر تعقيداً، بما يضمن الوصول إلى محاكاة كاملة وشاملة لكل تفاعلات القلب البشري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى