إشارات خفية تكشف أسرار المها العربي في موطنه الطبيعي

أجرت كلية العلوم في جامعة الطائف دراسة علمية كشف خلالها الباحثون عن مؤشرات فسيولوجية جديدة للمها العربي في بيئته الطبيعية، وساهمت الدراسة في تعزيز برامج المحافظة على الحياة الفطرية عبر متابعة صحة هذا النوع بدقة أكبر، بما يدعم جهود حماية الحيوانات العائدة إلى موائلها الأصلية في المملكة.
اعتمدت الدراسة التي قامت بها الطالبة نوف إبراهيم الثبيتي من قسم الأحياء على مقارنة مجموعتين من ذكور المها العربي البالغة، حيث شملت كل مجموعة 15 فردًا، تعيشان في بيئتين مختلفتين هما محمية الإمام سعود بن عبدالعزيز الملكية (ISBARR) ومركز الأمير سعود الفيصل لأبحاث الحياة الفطرية بالطائف (PSFWRC)، مع إجراء فحوصات الدم الكامل وتحاليل الكيمياء الحيوية ووظائف الكبد والكلى وهرمونات الغدة الدرقية.
قاس الباحثون أيضًا لطاخات الدم باستخدام المجهر الضوئي وصوروا الخلايا عبر المجهر الإلكتروني الماسح، وقدمت هذه التحليلات تفاصيل دقيقة حول الحالة الصحية للقطيع، كما ساعدت في رصد أي تغييرات فسيولوجية مرتبطة بالظروف البيئية المختلفة في كل موقع، ما يوفر معلومات أساسية لاتخاذ القرارات المتعلقة بحماية المها العربي.
قدمت الدراسة مرجعًا محليًا حديثًا للمعايير الدموية والكيميائية للمها العربي، ما يمكّن المختصين من تقييم صحة الحيوانات بدقة أكبر، ومقارنة البيانات بين المجموعات المختلفة لتحديد العلاقة بين المؤشرات الفسيولوجية والبيئة الطبيعية، وهو ما لم يتوفر سابقًا على مستوى الدراسات المحلية في المملكة.
سلطت الدراسة الضوء على أهمية رصد التغيرات الهرمونية ووظائف الأعضاء الحيوية، حيث رُصدت فروق بين المجموعتين في مؤشرات معينة مثل نشاط الكبد والكلى ومستويات هرمونات الغدة الدرقية، وهو ما يعكس تأثير العوامل البيئية على صحة المها العربي، ويتيح لخبراء الحياة الفطرية تطوير برامج رعاية دقيقة لكل مجموعة حسب بيئتها.
دعت نتائج الدراسة إلى تعزيز المراقبة الدورية للقطيع، وتطبيق برامج التغذية والرعاية البيطرية وفقًا للمعايير الجديدة، كما أكدت أهمية استخدام هذه المؤشرات في تقييم نجاح برامج إعادة الإدماج في الموائل الطبيعية، مع إمكانية توسيع الدراسة لتشمل مزيدًا من المناطق والمواطنين لتعميم النتائج على نطاق أوسع.
ساهمت الدراسة أيضًا في بناء قاعدة علمية لتخطيط السياسات البيئية، بما يضمن استدامة المها العربي وحماية التنوع البيولوجي في المملكة، حيث أصبح بالإمكان الآن مراقبة الحالات الصحية للقطيع بشكل دوري وموضوعي وربطها بالظروف المناخية والجغرافية لكل منطقة.





