سفّ الخوص يحوّل سعف النخيل إلى أدوات عملية وإبداعية

تجسّد حرفة “سفّ الخوص” في المملكة العربية السعودية أحد أبرز أوجه التراث الحي، حيث يحوّل الحرفيون سعف النخيل إلى أدوات عملية مثل السلال والحصر وأوعية التخزين، ويعكس هذا الفن العميق العلاقة بين الإنسان وبيئته المحلية، كما يجسد قدرة المجتمع على الاستفادة من الموارد الطبيعية بطريقة إبداعية ومستدامة، ويجعل من كل قطعة مصنوعة يدوياً شاهداً على مهارة الأجيال المتعاقبة.
تبدأ مراحل الحرفة بجمع السعف وفرزه بعناية، ثم نقعه لتليينه، قبل إعادة تشكيله وفق تصاميم دقيقة تعكس مهارة الحرفيين وارتباطهم بالطبيعة، وتعد المنتجات الناتجة جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية للأهالي في الماضي، كما لا تزال تحظى بتقدير واسع خلال الفعاليات التراثية والمناسبات الوطنية، حيث يحرص الزوار والمجتمع المحلي على اقتنائها واعتبارها رمزًا للتراث الملموس.
تبرز المملكة كواحدة من أبرز الدول المحافظة على صناعة الخوص، وذلك بفضل انتشار النخيل وارتباط الحرفة بجغرافيا المكان، وتحمل “سفّ الخوص” اليوم قيمة ثقافية كبيرة، فهي أكثر من مجرد مهنة، بل تمثل هوية ثقافية وجسرًا يربط الماضي بالحاضر من خلال الأنشطة التفاعلية التي تنقل المهارات والقيم من جيل إلى آخر، وتضمن استمرار هذه الحرفة كجزء من التراث الحي.
تواصل الحرفة حضورها في المشهد الثقافي السعودي، شاهدة على تاريخ طويل من الإبداع الشعبي، حيث يُظهر الحرفيون براعتهم في نسج السعف وتحويله إلى منتجات متقنة، وتؤكد هذه الحرفة أن التراث ليس مجرد ذكرى، بل ممارسة حية تتجدد مع كل يد تعمل على صنع قطعة جديدة، وتخلق تجربة تربط بين الجمال الفني والفائدة العملية في آن واحد.
تشهد الحرفة اهتمامًا متزايدًا من الجهات الرسمية والمجتمعية، حيث تُنظم ورش عمل ومعارض تتيح للجمهور التعرف على تقنيات الحرفة ومراحلها، ويشارك فيها الشباب والفتيات لتعلم المهارات ونقلها للأجيال القادمة، مما يعزز من استدامة هذه الحرفة ويؤكد مكانتها كجزء أساسي من التراث السعودي الغني والمتنوع، ويبرز دور المملكة في الحفاظ على التراث الشعبي وإبرازه عالميًا.





