البحرين تستعيد مجد “جزيرة اللؤلؤ” بإحياء إرث الغوص الطبيعي

تواصل البحرين تأكيد مكانتها التاريخية كأحد أهم مصادر اللؤلؤ الطبيعي في العالم، بعدما كانت تعرف منذ القدم بـ«جزيرة اللؤلؤ»، لما تمتعت به من سمعة عريقة في إنتاج أجود أنواع اللؤلؤ الذي زين أسواق الشرق والغرب لآلاف السنين، قبل أن يدخل النفط إلى المشهد الاقتصادي، فقد شكّل اللؤلؤ البحريني أحد أبرز رموز الهوية الوطنية، وجسد روح البحرين التجارية والثقافية منذ العصور القديمة.

تميّز اللؤلؤ البحريني بجودته العالية وبريقه الفريد، إذ تتكوّن طبقاته بشكل طبيعي داخل المحار، مانحةً إيّاه توهجًا خاصًا يصعب مضاهاته، الأمر الذي جعل اللؤلؤ البحريني محط إعجاب التجار والصاغة حول العالم، ومصدر فخر لأجيال من الغواصين الذين ارتبطت حياتهم بالبحر، في مهنة ورثوها أباً عن جد، وقد ساهمت هذه الخصائص النادرة في ترسيخ سمعة البحرين كمنبعٍ للّؤلؤ الطبيعي الأجمل والأكثر نقاءً في العالم.

شكل صيد اللؤلؤ على مدى أكثر من أربعة آلاف عام العمود الفقري لاقتصاد البحرين، حيث ازدهرت هذه الصناعة وازداد عدد العاملين فيها ليصل إلى آلاف البحارة الذين كانوا يبحرون كل موسم إلى أعماق الخليج لجمع المحار، حاملين آمالهم على ما تجود به البحار من لآلئ نادرة، كانت تُصدر لاحقًا إلى أسواق الهند وأوروبا، لتصبح البحرين في تلك الفترة مركزًا عالميًا لتجارة اللؤلؤ، ومحطة رئيسية لتجار الشرق والغرب.

ويُعد “مسار اللؤلؤ” في جزيرة المحرق اليوم شاهدًا على هذا الإرث العريق، حيث أدرجته منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي، اعترافًا بقيمته الثقافية والتاريخية.

ويضم الموقع بقايا مرافئ ومخازن ومنازل قديمة كانت جزءًا من شبكة تجارة اللؤلؤ، إلى جانب المراكز التي كانت تشهد حركة البيع والشراء والتلميع، مما يجعله معلمًا بارزًا يعكس قصة صناعة ازدهرت وشكّلت ملامح المجتمع البحريني القديم.

ورغم ما واجهته هذه الصناعة من تحديات في القرن العشرين بعد ظهور اللؤلؤ المستزرع في اليابان، والذي أثر بشكل مباشر على سوق اللؤلؤ الطبيعي، فإن البحرين لم تتخلَّ عن إرثها، إذ تسعى اليوم إلى إحياء هذا القطاع من خلال مبادرات وطنية، أبرزها “دانات”، المعهد المعتمد لفحص واعتماد اللؤلؤ الطبيعي، والذي يعمل على تعزيز موثوقية اللؤلؤ البحريني، وزيادة تراخيص الغوص، والحفاظ على بيئة الغوص التقليدية، بما يضمن استمرار هذه الحرفة في وجدان البحرينيين، واستعادة مجد البحرين كعاصمة للؤلؤ الطبيعي في العالم.

المصدر: سوشيال ميديا