وجهات سياحية

لبنان يعاند أزماته الاقتصادية ويعيد رسم موقعه على خريطة السياحة العربية

يحافظ لبنان على موقعه في خريطة السياحة العربية رغم العواصف الاقتصادية والسياسية التي عاشها خلال السنوات الأخيرة، إذ أظهر تصنيف حديث لأكبر عشر دول عربية في إيرادات السياحة لعام 2024 أن لبنان تمكّن من تحقيق إيرادات بلغت نحو 4.7 مليارات دولار، محتفظًا بموقعه ضمن المراكز الأولى ومتقدمًا على البحرين وتونس والكويت، ما يعكس قدرة هذا البلد الصغير على الصمود واستثمار مقوماته الطبيعية والثقافية في ظل واقع اقتصادي ضاغط.

تتصدر الإمارات العربية المتحدة القائمة بإيرادات وصلت إلى 57 مليار دولار، تليها المملكة العربية السعودية بـ41 مليار دولار، ثم مصر بـ15.3 مليار دولار والمغرب بـ11.3 مليار دولار، في حين جاء لبنان في المرتبة السابعة، وهو إنجاز مهم بالنظر إلى محدودية البنية التحتية السياحية مقارنة بدول المنطقة التي تتمتع بقدرات مالية واستثمارية أوسع، مما يبرز الدور الحيوي الذي يلعبه القطاع السياحي في دعم الاقتصاد اللبناني وتوفير السيولة الأجنبية في أوقات العجز المالي.

وتشير هذه الأرقام إلى أن لبنان ما زال يحافظ على مكانته كوجهة مفضلة في الشرق الأوسط، مستفيدًا من تنوع مناطقه الجغرافية وثرائها الطبيعي الممتد من السواحل إلى الجبال، إضافة إلى ازدهار قطاعي الضيافة والمطاعم اللذين يشكلان العمود الفقري للحركة السياحية، إذ تتوزع المهرجانات الموسيقية والموسمية في بيروت وجبيل والبترون وطرابلس وصيدا، لتخلق أجواءً تفاعلية تستقطب الزوار العرب والأجانب على حد سواء.

ويعتمد الاقتصاد اللبناني بشكل متزايد على السياحة كأحد مصادر الدخل القادرة على تعويض تراجع القطاعات الإنتاجية الأخرى، فوفق تقديرات غير رسمية، يسهم هذا القطاع بما يقارب 18% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يجعله ركيزة رئيسية في خطط التعافي الاقتصادي، خصوصًا مع التزايد الملحوظ في أعداد الوافدين خلال صيف 2024 الذي شهد ارتفاعًا بنسبة تقارب 25% مقارنة بالعام السابق.

ويرى محللون أن استمرار القطاع السياحي في النمو يرتبط بعدة عوامل أبرزها استقرار الأوضاع الأمنية، وتسهيل إجراءات الدخول للسياح العرب، إضافة إلى المبادرات المحلية التي أطلقتها البلديات لتعزيز السياحة الريفية والبيئية في مناطق الشمال والبقاع وجنوب البلاد، حيث تسعى هذه المبادرات إلى تنويع التجربة السياحية بعيدًا عن بيروت، بما يعزز حركة الإنفاق الداخلي ويوفر فرص عمل جديدة.

وتتطلع الحكومة اللبنانية إلى العام 2025 بتفاؤل نسبي، إذ تتوقع وزارة السياحة أن تزداد الإيرادات بشكل تدريجي مع تحسن البنية التحتية الفندقية وعودة الاستثمارات الخليجية، بينما تعمل مؤسسات الطيران والسفر على فتح خطوط جديدة تربط لبنان بعدد من العواصم الأوروبية والعربية، وهو ما قد يسهم في مضاعفة حجم الإنفاق السياحي وزيادة معدلات الإشغال الفندقي في مختلف المناطق.

المصدر: الشرق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى