“كهف حجر المرآة” مقصد مثالي لعشاق التصوير والطبيعة

تتألق إندونيسيا بجمالها الطبيعي المدهش، وتكشف لزوارها عن واحدة من أعجب التحف الجيولوجية في جزيرة فلوريس، حيث يقع كهف “حجر المرآة” أو كما يُعرف محليًا بـ”غوا باتو سيرمين”، في مدينة لابوان باجو الساحرة التي تُعد بوابة جزيرة كومودو الشهيرة.
يجذب الكهف أنظار السياح والباحثين على حد سواء، لما يتمتع به من ظواهر بصرية فريدة تشكلها الطبيعة منذ آلاف السنين، في لوحة تجمع بين الضوء والحجر والماء في انسجام نادر.
يتسلل ضوء الشمس عبر الشقوق الضيقة في سقف الكهف، لينعكس على جدران الحجر الجيري المصقولة بفعل الزمن، فتتراقص الأشعة على السطوح المعدنية لتخلق مشهدًا يشبه المرآة تمامًا، وكأن الكهف ينفث بريقه من داخله، هذا الانعكاس المدهش ليس مجرد ظاهرة بصرية، بل هو نتاج تفاعل جيولوجي طويل المدى، حيث تراكمت طبقات من الأملاح والمعادن فوق جدران الكهف، فكوّنت واجهات لامعة تلتقط الضوء وتعكسه بطريقة تخطف الأنفاس.
ويحمل كهف حجر المرآة في عمقه قصة أقدم من حضارة الإنسان، إذ تشير الدراسات الجيولوجية إلى أنه كان في يوم من الأيام جزءًا من قاع البحر، قبل أن تنحسر المياه وتترك خلفها حفريات مرجانية متحجرة تشهد على ذلك العصر الغابر.
يمكن للزائر أن يرى بوضوح تلك الحفريات وهي مزروعة في جدران الكهف كأنها توقيعات الطبيعة على جدرانها الحجرية، بينما تتلألأ بلورات الملح التي تغلفها كالماس في ضوء الشمس المنعكس.
ويُعرف الكهف كذلك بتكويناته الفريدة من الهوابط والصواعد التي نُحتت عبر الزمن ببطء مذهل، حيث تنساب المياه الحاملة للمعادن من السقف نحو الأرض لتصنع أشكالاً طبيعية لا يمكن أن تتكرر.
تلك الأعمدة الحجرية تضفي على الكهف إحساسًا غامضًا، يذكّر الزائر بأنه يقف في حضرة مكان صنعته الأرض بيدها، دون تدخل بشري، ليكون شاهدًا على جمالها الصامت.
أما المشهد خارج الكهف فلا يقل روعة، إذ تحيط به مناظر طبيعية خلابة تجمع بين الصخور المتدرجة والغابات الاستوائية والمياه الفيروزية القريبة من لابوان باجو، التي تعد من أهم الوجهات السياحية في شرق إندونيسيا.
ويقصد كثير من الزوار الكهف في ساعات الصباح الأولى، حين يبلغ ضوء الشمس ذروته في التسلل إلى أعماقه، ليشهدوا واحدة من أكثر اللحظات سحرًا حين يتحول الكهف إلى مرآة طبيعية ضخمة تعكس الألوان والظلال في مشهد لا يُنسى.
يُعد “كهف حجر المرآة” اليوم مقصدًا مثاليًا لعشاق التصوير والطبيعة، إذ يجمع بين الجمال الجيولوجي والتاريخ البحري والخيال البصري في تجربة واحدة.
وبينما تزداد شهرته عالميًا، يبقى الكهف رمزًا لتفرد الطبيعة الإندونيسية، التي لا تتوقف عن إبهار العالم بروائعها المدفونة تحت الأرض والمغمورة بالنور في آن واحد.





