سياحة و سفر

تتبدد الأساطير حين يحلّق المسافر.. معتقدات متوارثة حول الطيران تكشف حقيقتها

يؤمن كثير من المسافرين بمعتقدات ترسخت عبر سنوات حول الطيران، بعضها ولد من الخوف، وبعضها من الشائعات، بينما استند القليل منها إلى وقائع مجتزأة، ومع مرور الوقت تحولت هذه المعتقدات إلى مسلّمات تتداولها الألسن قبل كل رحلة، غير أن الحقائق العلمية تكشف صورة مغايرة تمامًا تجعل التجربة الجوية أكثر وضوحًا.

يعتقد البعض أن موزعات الهواء في الطائرة تمثل مصدرًا رئيسيًا للجراثيم، غير أن أنظمة التكييف داخل الطائرات مصممة لتتحمل الظروف الجوية القاسية، حيث تمرر الهواء عبر مرشحات متقدمة شبيهة بتلك المستخدمة في المستشفيات، لتعمل على تنقية الأجواء من البكتيريا والفيروسات والغبار، بل وحتى من الروائح العالقة بملابس المدخنين، ما يجعل الاعتقاد بتوزيع العدوى عبر الهواء الداخلي مجرد وهم يفتقر إلى الأساس العلمي.

ويتداول آخرون فكرة أن الطيارين يتجنبون المرور فوق مثلث برمودا، وكأن تلك المنطقة لا تزال تحمل أسرارًا غامضة عن اختفاء السفن والطائرات، لكن الواقع يؤكد أن خطوط الطيران تعبر فوق هذه المنطقة بشكل اعتيادي دون أي محاذير، إذ لم يعد المثلث يشكل خطرًا حقيقيًا على حركة الملاحة الجوية، وإنما ظل جزءًا من أسطورة تضخمت عبر الحكايات.

ويتصور كثيرون أن الطيران شرقًا يجعل الرحلات أسرع بسبب مسارات الجو، بينما الحقيقة أن ما يمنح الطائرات سرعة إضافية هو التيار النفاث، وهو رياح قوية تعصف على ارتفاعات شاهقة وتبلغ سرعتها أحيانًا 500 كيلومتر في الساعة، ما يفسر تفاوت زمن الرحلة تبعًا للاتجاه وليس بسبب طبيعة المسارات نفسها.

ويظن البعض أن لطعم عصير الطماطم في الطائرة سببًا خفيًا، بينما يكشف العلم أن ضغط الهواء داخل المقصورة يؤثر على حاسة التذوق لدى المسافر، فيجعل النكهات أوضح وأكثر قبولًا، ومن هنا جاءت شعبية عصير الطماطم الذي صار المشروب الثاني الأكثر طلبًا بعد الماء أثناء الرحلات الجوية، في مفارقة لا يلاحظها كثيرون إلا في الأجواء.

ويستند اعتقاد آخر إلى فكرة أن الجسم يفقد كميات كبيرة من الماء تعادل تقريبًا ما يفقده عند ممارسة الرياضة، وهو أمر تؤكده الأبحاث، حيث يفقد المسافر ما يقارب 1.5 لتر من السوائل في رحلة مدتها ثلاث ساعات، نتيجة التنفس وجفاف الهواء داخل المقصورة، وهو ما يفسر أهمية شرب الماء بانتظام أثناء الطيران للحفاظ على التوازن الجسدي.

ويستمر الجدل حول مراحيض الطائرات، حيث يظن بعض الركاب أنها تُفرغ في الهواء، لكن الحقيقة أن جميع الفضلات يتم تخزينها في خزانات خاصة تُفرغ فقط عند هبوط الطائرة، ما يجعل هذا التصور خياليًا لا يمت للواقع بصلة، لكنه ظل من بين أكثر الشائعات انتشارًا عبر العقود.

هكذا يتضح أن السفر بالطائرة محاط بسلسلة من المعتقدات التي يراها البعض حقائق ثابتة، بينما تكشف الوقائع أنها مجرد أوهام تشكلت بفعل الأساطير والخوف من المجهول، ومع تصحيح هذه الصور المغلوطة، تصبح التجربة الجوية أكثر وعيًا وطمأنينة للمسافر، بعيدًا عن كل ما يُحاك من قصص لا سند لها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى