عسير وجهة سياحية فريدة للهروب من حر الصيف

في قلب الجنوب الغربي للمملكة العربية السعودية، تبرز منطقة عسير كإحدى أجمل الوجهات السياحية التي يقصدها الباحثون عن اعتدال المناخ وروعة الطبيعة، حيث تتزين جبالها بالخضرة وتنعش أجواؤها الباردة أنفاس الزوار، لتصبح ملاذاً مثالياً للهاربين من حرارة الصيف القاسية في بقية مناطق المملكة.

تتمتع عسير بمناخ معتدل على مدار العام، إذ تستقبل كميات وفيرة من الأمطار مقارنة بمناطق أخرى في البلاد، ما يضفي على أراضيها غطاءً نباتياً كثيفاً يشمل غابات صنوبرية وأشجاراً متنوعة، ويجعلها وجهة طبيعية ساحرة، بينما يبلغ ارتفاع جبل السودة في أبها نحو 9800 قدم، ليشكل أحد أبرز المعالم الطبيعية في المملكة، ويوفر إطلالات مدهشة على السحب والوديان المحيطة.

تضم المنطقة متنزه عسير الوطني الذي يعد من أهم المحميات الطبيعية في السعودية، حيث يمتد من جبال عسير الشامخة حتى ساحل البحر الأحمر، موفراً تنوعاً بيئياً نادراً يجمع بين الجبال الشاهقة والسهول الخضراء والسواحل البحرية، كما تحتضن مدينة أبها، عاصمة عسير، العديد من الفعاليات الثقافية والأسواق التقليدية التي تمنح الزائر لمحة أصيلة عن تراث المنطقة الغني.

لا يقتصر سحر عسير على طبيعتها فقط، بل تمتاز أيضاً بتاريخها العريق، حيث تضم أكثر من 650 موقعاً أثرياً مسجلاً في السجل الوطني للآثار، من بينها نقوش ورسومات صخرية تعود إلى عصور ما قبل الإسلام، بالإضافة إلى قرى تاريخية مثل رجال ألمع التي أدرجتها منظمة السياحة العالمية عام 2021 ضمن قائمة “أفضل القرى السياحية” في العالم، نظراً لطابعها العمراني الفريد ومبانيها الحجرية متعددة الطوابق.

ولمحبي الأنشطة الخارجية، تمنح عسير فرصاً متنوعة لممارسة رياضة المشي لمسافات طويلة بين الغابات والجبال، إضافة إلى التخييم تحت النجوم في أجواء طبيعية بكر، بينما يشكل ممشى الضباب في أبها تجربة استثنائية تتيح للزائر التجول وسط السحب والاستمتاع بالمناظر البانورامية لجبال تهامة.

أما حديقة السحاب، فهي وجهة مثالية للباحثين عن الاسترخاء وسط أجواء باردة وضبابية، مع إمكانية قضاء ليلة كاملة في مخيمات مطلة على المدينة المكسوة بالسحب.

وتبرز وجهات أخرى مثل بحيرة سد أبها التي تمنح الزوار فرصة للابتعاد عن صخب الحياة والتمتع بنزهات عائلية هادئة، بالإضافة إلى الجبل الأخضر الذي يمكن الوصول إليه عبر التلفريك، حيث تكتمل التجربة بمشهد أبها المتلألئة ليلاً وأجواء مميزة تزيدها الأضواء الخضراء جمالاً. كما يشكل متنزه الحبلة نقطة جذب رئيسية بفضل موقعه المرتفع ومناظره البانورامية وأنشطته المتنوعة التي تناسب العائلات والمغامرين على حد سواء.

ولا تكتمل زيارة عسير من دون المرور بقرية المفتاحة الفنية التي تحتفي بالفنون المعاصرة، حيث تتزين جدرانها برسومات وجداريات ملونة تعكس الهوية المحلية، إلى جانب سوق الثلاثاء الشعبي الذي يشكل نافذة على الحياة اليومية والمنتجات التقليدية للمنطقة، مما يمنح السياح فرصة فريدة للتعرف على الثقافة العسيرية في أبهى صورها.

هكذا، تجمع عسير بين جمال الطبيعة وتنوع الأنشطة وثراء التراث، لتؤكد مكانتها كوجهة سياحية متكاملة، تقدم للزوار تجربة لا تنسى بين الجبال والسحب والأسواق القديمة، وتظل خياراً مثالياً للهروب من حرارة الصيف والبحث عن المتعة والسكينة في حضن الطبيعة.