منوعات وترفيه

“القزوعي” فن شعبي يجمع الأصالة والحماسة في عسير

يُعدّ “القزوعي” من أبرز الفنون الشعبية في مناطق المملكة الجنوبية، وبالأخص في عسير، حيث يعكس التراث الأصيل ويضفي جوًا احتفاليًا على المناسبات الاجتماعية والأعياد، كما يجمع بين الحماسة والتفاعل المجتمعي، ويستقطب الزوار والمشاركين المهتمين بالثقافة والفلكلور المحلي، ليبقى أحد رموز الهوية الثقافية للمنطقة.

تعود جذور القزوعي إلى رقصة حربية تُؤدى دون إيقاعات موسيقية، حيث يعتمد الأداء على تناغم الأصوات مع وقع الأقدام، ويصطف المشاركون في صفين متقابلين على شكل شبه دائرة، بينما يقف شاعر أو أكثر في المنتصف لإلقاء الأبيات الشعرية، ويخلق هذا النظام إحساسًا بالانسجام الجماعي ويبرز أهمية الوحدة بين المشاركين خلال الأداء.

يقود “المزيف” أو “المسوعب” المجموعة، ويوجه الحركات ويضبط الإيقاع باستخدام خنجر أو عصا، ومع زيادة أعداد المشاركين تتحول الصفوف تدريجيًا إلى دائرة واسعة تضم أكثر من مئة شخص، ما يعكس القدرة على تنظيم الأداء الجماعي، ويبرز مهارات التنسيق بين الأعضاء، ويضيف بعدًا بصريًا وحركيًا مميزًا للرقصة، كما يحافظ على طابعها الحماسي والتقليدي.

يمتاز القزوعي بالتفاعل المباشر بين الشعراء والمشاركين، حيث يلقن الشاعر الشطر الأول من البيت للصف الأول، ثم يتنقل بسرعة إلى الصف المقابل لتلقينه نفس الشطر، قبل أن يردده الجميع بصوت جهوري، وتتكرر العملية عدة مرات قبل الانتقال إلى الشطر الثاني، ما يعزز الإحساس بالانتماء والفخر الجماعي، ويتيح للجمهور فرصة المشاركة والتفاعل مع الشعر والأداء الحركي.

يشكل القزوعي جزءًا أصيلًا من التراث الثقافي لعسير، ويظل رمزًا يجسد وحدة الصف والفخر بالهوية المحلية، كما يتيح للمشاهدين والزوار التعرف على فنون المنطقة وموروثها الشعبي، ويؤكد مكانة الفلكلور كعنصر رئيس في الحياة الاجتماعية، ويعزز من قدرة الفن التقليدي على ربط الأجيال بالتاريخ والثقافة، ليبقى القزوعي إرثًا حيًا يُحتفى به سنويًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى