ترحال يجسّد الهوية الوطنية برؤية بصرية تدمج التراث والمستقبل المسرحي
أطلقت وزارة الثقافة العرض المسرحي الجديد “ترحال” في موقع “ميادين” بمحافظة الدرعية، ليقدّم تجربة فنية غامرة تسرد ملامح الهوية السعودية بأسلوب درامي مبتكر، يجمع بين جماليات الطبيعة وتقنيات العرض البصري المعاصر، في عمل يستمر حتى الخامس والعشرين من أغسطس الجاري، ويجسد توجهًا ثقافيًا يعيد رسم علاقة السعوديين بتاريخهم وهويتهم بأسلوب فني متجدد.
جاء العمل في نسخته الثانية ليواصل النجاح الذي حققه في أول عرض له عام 2023، حيث تم تطويره ليواكب تطلعات الجمهور الباحث عن محتوى فني ذي طابع وطني عميق، وينسجم مع أهداف رؤية المملكة 2030 في تعزيز الثقافة المحلية وتقديمها للعالم بأساليب تعبيرية حديثة، تجمع بين الدراما والموسيقى والضوء والحركة في آنٍ واحد.
ينطلق العرض من شخصية “سعد”، ذلك الشاب الذي يبدأ رحلة داخلية لاكتشاف ذاته، متجولًا بين مناطق المملكة في إطار درامي يجسد قصة وطن يحتضن المستقبل دون أن يتخلى عن جذوره، حيث يلتقي الجمهور خلال هذه الرحلة بسلسلة من اللوحات المسرحية المستوحاة من بيئات سعودية متعددة، مع توظيف عناصر فنية من الأزياء التقليدية، والحرف الشعبية، والعروض البهلوانية، ما يمنح العمل عمقًا بصريًا وثقافيًا في آن.
استخدم العرض تقنيات بصرية متقدمة وأداءً موسيقيًا حيًا يسهم في إثراء المشاهد، وسط سينوغرافيا تمزج بين عناصر الحداثة والموروث، ضمن بيئة مسرحية مفتوحة تتكامل مع طبيعة موقع “ميادين” في قلب الدرعية، لتتحول خشبة العرض إلى امتداد للمكان والتاريخ، وتشكّل المساحات الترابية والإضاءة التفاعلية لوحة تتناغم مع إيقاع السرد وحركة الممثلين.
ويشارك في تقديم هذا العمل نخبة من الفنانين السعوديين إلى جانب مبدعين دوليين، حيث يأتي “ترحال” كثمرة تعاون ثقافي متعدد الجنسيات، يسعى لتقديم رؤية عالمية بروح محلية، ويعكس حضور المملكة المتزايد على خارطة الإنتاج المسرحي النوعي، بما يواكب التطلعات الوطنية لبناء قطاع ثقافي حيوي، يعبر عن الشخصية السعودية بإيقاع معاصر وجاذبية فنية عالية.
ويمثل هذا العمل المسرحي نموذجًا لما يمكن أن تقدمه الفنون الأدائية من أدوات لسرد التاريخ وإحياء الذاكرة الشعبية، بوسائل حديثة تجذب الأجيال الجديدة، وتعزز الوعي بالهوية، وتفتح الباب أمام التجريب الفني في التعبير عن الثقافة الوطنية في أطر غير تقليدية.
