إيطاليا تبدأ تطبيق قيود جديدة للحد من الاكتظاظ السياحي وتأثير المؤثرين

فرضت السلطات الإيطالية مجموعة من التدابير الجديدة خلال صيف 2025، في محاولة للحد من التدفق السياحي المفرط الذي تشهده مناطقها الطبيعية والساحلية، خاصة تلك التي تحظى بشعبية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد جاءت هذه الإجراءات نتيجة تزايد الضغط البيئي والاجتماعي الذي سبّبه التأثير الرقمي للمؤثرين، بعد أن تحوّلت بعض المواقع الخلابة إلى وجهات مزدحمة بشكل مفرط بهدف التقاط الصور ومقاطع الفيديو فقط.
اتجه سكان المناطق الجبلية في شمال البلاد، ولا سيما في سلسلة جبال الدولوميت، إلى اتخاذ خطوات فردية لمنع الزوار من التعدي على ممتلكاتهم الخاصة، حيث عمد بعض المزارعين إلى تركيب بوابات دوّارة تطلب من الزائرين دفع رسوم دخول تصل إلى 5 يورو، للوصول إلى مواقع مشهورة مثل “سيتشيدا” و”دراي تسينن”، وذلك بعد أن شهدت هذه المواقع تدفقًا يوميًا بلغ نحو 4 آلاف زائر، ما أدى إلى تكدّس في المسارات وتضرر الأراضي الزراعية المجاورة.
اتهم كارلو زانيلا، رئيس نادي جبال الألب في “ألتو آديدجي”، المؤثرين بأنهم السبب الرئيسي في هذا الازدحام، مطالبًا بفرض رسوم أكبر قد تصل إلى 100 يورو، بل وذهب إلى حد الدعوة لإغلاق حساباتهم نهائيًا، معتبرًا أن الجبال لم تعد ملاذًا لمحبي الطبيعة كما كانت سابقًا، بل أصبحت مسرحًا لصور عشوائية دون أي احترام للبيئة أو ثقافة المكان.
لم تقتصر الإجراءات على المناطق الجبلية فحسب، بل توسعت لتشمل وجهات أخرى مثل بحيرة “براييز” التي فُرضت عليها رسوم دخول تصل إلى 40 يورو للسيارة.
كما تم إنشاء مواقف مخصصة في وادي “أوستا” وإطلاق حافلات نقل تقل المتنزهين إلى جبل “مونتي روزا” لمنع صعود السيارات إلى القمم، فيما جرى تعيين حرّاس في “سانتا كريستينا” لتنظيم حركة السياح وإجبارهم على الالتزام بالمسارات المحددة، مع منع استخدام الطائرات دون طيار لحماية الخصوصية والطبيعة.
على صعيد موازٍ، بدأت العديد من المدن الإيطالية الساحلية بتطبيق قوانين تنظم سلوك الزوار، حيث تم حظر المشي بملابس السباحة أو الظهور دون قميص في الأماكن العامة، وفرض غرامات قد تصل إلى 500 يورو في مناطق مثل “إلبا” و”ديانو مارينا”.
كما منعت مدينة “ليفورنو” المشي حافي القدمين، وشددت شواطئ سردينيا على ضرورة استخدام سجادة شاطئية وحظرت التدخين، إضافة إلى تقييد عدد الزوار في بعض المواقع مثل شاطئ “لا بيلوزا”، الذي يسمح فقط بـ 1500 زائر في وقت واحد.
تعكس هذه الإجراءات رغبة الحكومة الإيطالية في تحقيق توازن بين تعزيز السياحة المستدامة والحفاظ على النظم البيئية والمجتمعات المحلية، حيث تسعى إلى تنظيم حركة الزوار دون الإضرار بجاذبية البلاد السياحية، في وقت تواجه فيه المدن والمواقع الطبيعية ضغوطًا متزايدة نتيجة السلوك العشوائي المدفوع بالرغبة في التوثيق والمشاركة الرقمية.





