استكشف الريف الأرمني في رحلة صيفية هادئة بين الطبيعة والتاريخ

استعادت القرى الأرمنية مكانتها كوجهات سياحية فريدة لمحبي السفر الهادئ والتجارب الأصيلة، حيث تجمع بين سحر الطبيعة وتاريخ يعود لقرون طويلة.
بعيداً عن صخب المدن، تحتضن أرمينيا ريفًا غنيًا بالتضاريس الجبلية والوديان العميقة، وتفتح أبوابها للمسافرين الراغبين في اكتشاف التراث المحلي، عبر قرى تخفي بين طياتها ديراً قديماً أو مرصداً فلكياً أو منزلاً شاعرياً ألهم أحد كبار الأدباء.
تقع قرية تاتيف في الجنوب الأرمني على حافة وادٍ عميق، وتشتهر بديرها التاريخي الذي يعود للقرن التاسع، حيث لعب دوراً دينياً وتعليمياً محورياً في العصور الوسطى.
وتتيح “أجنحة تاتيف”، وهي إحدى أطول العربات الهوائية في العالم، للزوار تجربة مثيرة تجمع بين متعة المغامرة ومشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة من ارتفاع شاهق، بينما تكتمل التجربة بجولة داخل الدير الذي يتكون من كنائس ومعابد حجرية عتيقة تحكي قصة الحضارة الأرمنية.
وتقع قرية بيوراكان على بُعد ساعة تقريباً من العاصمة يريفان، وتتميز بمرصدها الفلكي الذي أُسس في الحقبة السوفيتية، حيث يمكن للزائرين مشاهدة النجوم والتعرف على الكواكب من خلال تلسكوباته المتطورة، كما تعد من الوجهات المفضلة لعشاق الطعام المحلي بفضل منتجاتها الزراعية الطازجة، فيما تقود الطريق شمالاً إلى قلعة أمبرد الواقعة على منحدرات جبل أراغاتس والتي كانت مقراً صيفياً للملوك الأرمن في العصور الوسطى.
وفي مقاطعة لوري، تستقبل قرية أودزون الزوار بجمال طبيعي آسر، وكنيسة تعود إلى القرنين الخامس والسابع، تُعد من أقدم المنشآت الدينية في المنطقة، وتزينها مسلات حجرية مستطيلة الشكل، تقول الأساطير إنها هدية من ملك هندي، ويشكل المشي في محيط القرية رحلة روحية وسط الطبيعة والآثار، حيث تظهر خواجكارات – الصلبان الحجرية الأرمنية – ودير هورومايير المشيّد على جرف طبيعي في قلب الوادي.
أما قرية دسيغ، فهي ملتقى الطبيعة والإبداع الأدبي، حيث وُلد فيها الشاعر هوفهانيس تومانيان، ويضم متحفه الشخصي مجموعة من مقتنياته ومخطوطاته، مما يعكس عمق العلاقة بين المكان وأدبه.
وتُعد دسيغ ملاذًا لعشاق الرياضة والمغامرة، إذ تُوفر مسارات للمشي وركوب الخيل والدراجات وسط مناظر بانورامية ساحرة، كما تتيح الإقامات البيئية الفاخرة هناك فرصة للتواصل العميق مع الطبيعة بأسلوب عصري ومستدام.
في هذا الريف الأرمني الساحر، تتحول كل لحظة إلى ذكرى خالدة، وكل مشهد إلى لوحة تجمع ما بين الجمال الطبيعي والتاريخ العريق، في تجربة صيفية تبتعد عن الزحام وتحتفي بالسكينة والدهشة.





