الباحة ترتقي بمكانتها السياحية وسط الضباب والطبيعة

تتعانق منطقة الباحة الواقعة في جنوب غرب المملكة مع قمم جبال الحجاز، في مشهد تتآلف فيه الطبيعة مع التاريخ، وتُعرف هذه المدينة بجوهرة الجنوب لما تزخر به من مقومات طبيعية وسياحية وثقافية جعلتها إحدى أبرز الوجهات الصيفية في المملكة والخليج.
وفي إطار رؤية تنموية طموحة تسعى إلى تعزيز السياحة المستدامة، تشهد الباحة تطورًا متسارعًا في بنيتها التحتية، لا سيما شبكات الطرق التي تسهّل الوصول إلى مواقعها المتناثرة بين الجبال والغابات والقرى التراثية.
تُعرف الباحة بلقب “أرض الضباب”، وتتميّز بمناخها المعتدل صيفًا وباردها شتاءً، حيث تتراوح درجات الحرارة صيفًا بين 17 و25 درجة مئوية، مع أمطار موسمية وضباب يغمر المرتفعات، في حين تكتسي سفوحها خلال الشتاء بحلل من الثلج الخفيف.
هذا التنوع المناخي يمنح الزائر تجربة سياحية مختلفة، تبدأ من مرتفعات غابة رغدان التي تحتضن أشجارًا نادرة يتجاوز عمرها ثلاثة آلاف عام، وتصل إلى قرى أثرية كـ”ذي عين” التي تعود للقرن السادس عشر، وتشتهر بمزارعها الغنّاء التي تنتج الموز والليمون والريحان في أجواء ريفية خلابة.
كما تزدهر المنطقة زراعيًا بفضل التربة الخصبة ووفرة المياه الجوفية، إذ تُعد من أكثر مناطق المملكة إنتاجًا للرمان، حيث تحتضن أكثر من 700 ألف شجرة تنتج سنويًا نحو 30 ألف طن، فضلًا عن محاصيل العنب، اللوز، المشمش، الحماط، والتين.
وتنتشر زراعة الحنطة والشعير في أعالي السراة، فيما تنمو الذرة والسمسم في سهول تهامة، ما يمنح الباحة تنوعًا زراعيًا يعزز من اقتصادها المحلي.
وعلى الصعيد الثقافي، تتجلى هوية الباحة في فنونها الشعبية التي تعكس إرثًا عريقًا، حيث تتنوع بين “اللعب” و”المسحباني” و”السامر”، إلى جانب “الهرموج” و”اللبيني” و”العرضة” التي تعد أبرز تلك الفنون أداءً وحضورًا في المناسبات والمهرجانات، هذه الفنون تسهم في ترسيخ الذاكرة الجمعية للمنطقة، وتحافظ على الروح التراثية المتجذرة في وجدان سكانها.
وتُعد شبكة الطرق الحديثة عاملًا رئيسًا في تعزيز المقومات السياحية للمنطقة، إذ تمتد لأكثر من 1,570 كيلومترًا تربط بين مختلف محافظاتها ومعالمها.
وتشرف الهيئة العامة للطرق على تطوير هذه الشبكة بما يحقق معايير السلامة والجودة، من خلال تنفيذ مشاريع تحسين البنية التحتية، كشط الطرق، تركيب الحواجز، اللوحات الإرشادية، والعواكس الأرضية، مما يسهم في تسهيل تنقل الزوار وضمان تجربة سياحية آمنة ومتكاملة.
وبين روعة الضباب، وغابات الصنوبر والطلح، وأهازيج القرى، تواصل الباحة ترسيخ مكانتها كأحد أبرز كنوز السياحة في المملكة، ضمن توجه وطني يربط الماضي بالحاضر، ويمنح الزائر تجربة لا تُنسى تجمع بين الأصالة والطبيعة والبُعد البيئي المستدام.





