رغم صغر حجمها.. هولندا من أقوى الاقتصادات في أوروبا والعالم

نجحت هولندا في ترسيخ مكانتها كقوة اقتصادية في أوروبا والعالم، رغم أن مساحتها لا تتجاوز 41,500 كيلومتر مربع، وهي مساحة تقل عن كثير من الدول العربية، إلا أن حجم تأثيرها الاقتصادي والثقافي والبيئي يعكس قوة التنظيم والبنية الحديثة التي بنتها الدولة خلال العقود الماضية، مع اعتمادها على موارد محدودة واستغلالها بكفاءة عالية.
يسكن هولندا حوالي 18 مليون نسمة، وتتميز ببيئة حضرية متقدمة ونظام نقل مستدام، حيث تفوق أعداد الدراجات الهوائية عدد السكان، وتنتشر وسائل النقل العام الفعالة في كل المدن، كما أن قنوات المياه التي تخترق العاصمة أمستردام أصبحت من معالم البلاد السياحية، إلى جانب حقول التوليب والطواحين الهوائية التي تُمثل رمزًا لهوية هولندا التاريخية.
ويرتكز الاقتصاد الهولندي على قطاعات متنوعة، أهمها الزراعة عالية التقنية، التي جعلت هولندا ثاني أكبر مصدر للمنتجات الزراعية في العالم بعد الولايات المتحدة، رغم قلة الأراضي الزراعية، وتعتمد الدولة على الابتكار في تطوير أساليب الزراعة الذكية، إلى جانب اعتمادها على الصناعات التصديرية والتكنولوجيا، ما يجعلها لاعبًا محوريًا في التجارة الدولية.
وتمكنت هولندا من التغلب على أحد أكبر التحديات الجغرافية التي تواجهها، وهو أن أكثر من ربع أراضيها يقع تحت مستوى سطح البحر، إلا أنها طورت نظامًا فريدًا من السدود والقنوات والمنشآت المائية الذكية، يُعد من أعقد وأدق الأنظمة في العالم، ويمثل نموذجًا عالميًا في إدارة المخاطر البيئية وتغير المناخ.
ويحظى المواطن الهولندي بمستوى معيشي مرتفع وخدمات تعليمية وصحية متقدمة، مع نظام حكومي يتمتع بدرجة عالية من الشفافية والكفاءة، وتولي الحكومة اهتمامًا كبيرًا بالاستدامة البيئية، حيث تعتمد مدن كثيرة على الطاقة المتجددة وتعمل على الحد من الانبعاثات وتقليل الاعتماد على السيارات.
وتسعى هولندا إلى أن تكون نموذجًا للمدن الذكية في أوروبا، من خلال دمج التكنولوجيا بالبيئة والبنية التحتية، مع التركيز على تحسين جودة الحياة من خلال السياسات العامة الذكية والمشاركة المجتمعية، كما تمثل الثقافة الهولندية مزيجًا من الانفتاح، والتسامح، والتنظيم، وهي عوامل ساهمت في جعل البلاد مقصدًا للسياح والطلاب والمهنيين من مختلف أنحاء العالم.
المصدر: Atlas of History and Geography





