أخبار سياحيةسياحه بحرية

باريس تفتح مياه السين للسباحة بعد قرن

أنهت العاصمة الفرنسية باريس، أمس، واحدة من أطول فترات الحظر في تاريخها الحديث، بعد أن رفعت رسميًا القيود المفروضة منذ أكثر من مئة عام على السباحة في نهر السين، مانحة سكان المدينة وزوارها فرصة جديدة للانغماس في مياه هذا النهر التاريخي الذي طالما ارتبط بأحلام الرومانسية والمشاهد السينمائية.

هذا القرار غير المسبوق أعاد الحياة إلى مجرى مائي لطالما كان محظورًا على السباحين لأسباب صحية وبيئية، وذلك بعد سنوات من العمل الجاد لتحسين جودة المياه وتأهيل ضفاف النهر لتناسب الاستخدام الآدمي.

قامت السلطات الباريسية بإنشاء ثلاث مناطق مخصصة للسباحة، تحاكي حمامات السباحة المفتوحة، تقع في مواقع استراتيجية وسط المدينة، بحيث تم اختيار الأولى قبالة جزيرة البجع بالقرب من برج إيفل، والثانية عند ضفاف نوتردام، والثالثة مقابل المكتبة الوطنية الفرنسية.

هذه الخطوة، التي وصفتها عمدة باريس آن هيدالجو بأنها جزء من خطة لتحسين جودة الحياة الحضرية، جاءت في إطار مواجهة ارتفاع درجات الحرارة المتزايد في فصل الصيف نتيجة التغيرات المناخية، ومنح السكان وسيلة طبيعية ومنخفضة التكلفة للترويح عن أنفسهم دون مغادرة المدينة.

الحمامات التي ستُفتح طوال الصيف ستستقبل الجمهور مجانًا، شرط أن يكونوا قادرين على السباحة، وقد تم تجهيزها بغرف لتغيير الملابس ومناطق للتشمس، وستُشرف عليها فرق من رجال الإنقاذ لضمان السلامة العامة.

ويُشكل فتح النهر للسباحة أحد أهم رموز استعادة التوازن البيئي في المدينة، إذ لم تكن السباحة في السين ممكنة لعقود طويلة بسبب التلوث الشديد الذي عانى منه، ما أدى إلى فرض حظر كامل على أي نشاط مائي مباشر في مياهه.

ووفقًا لما أوردته سلطات المدينة في بيان رسمي، فإن جودة مياه النهر ستخضع لمراقبة مستمرة لضمان مطابقتها للمعايير الصحية، وسيُسمح للزوار بالغوص مباشرة في المياه الطبيعية للنهر، وليس في مسابح عائمة أو مغلقة.

وكانت وزيرة الرياضة الفرنسية ماري بارساك قد أعلنت في مايو الماضي أن هذا المشروع الطموح يهدف إلى تمكين الجميع من السباحة في نهر السين اعتبارًا من صيف هذا العام، في رسالة واضحة إلى أن باريس تستعيد علاقتها مع نهرها الأم بعد عقود من القطيعة.

وتأتي هذه المبادرة في وقتٍ تستعد فيه باريس لاستضافة عدد من الفعاليات الرياضية الكبرى، من ضمنها دورة الألعاب الأولمبية 2024، حيث كان من بين الأهداف البيئية المرتبطة بها تحسين جودة المياه في نهر السين تمهيدًا لاستخدامه في المنافسات الرياضية المفتوحة مثل الترياتلون والسباحة في المياه المفتوحة.

ويعد فتح النهر أمام السباحة الجماعية نقطة تحوّل رمزية تبرز مدى التقدم البيئي الذي أحرزته المدينة، وتعكس التزام السلطات بتوفير فضاءات عامة نظيفة وآمنة في قلب العاصمة.

المصدر: الجريدة الكويتية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى