“دلتا إيرلاينز” تستوحي تقنيات الطيران من الأوز المهاجر
لتحقيق كفاءة بيئية مستدامة

احتفلت شركة “دلتا إيرلاينز” الأميركية بمرور مئة عام على شراكتها مع “إيرباص”، معلنة عن خطوة طموحة نحو تعزيز استدامة الطيران عبر تقنيات مستوحاة من الطبيعة.
وأوضحت الشركة أنها تستلهم من أنماط تحليق الأوز المهاجر، الذي يطير في تشكيل جماعي على شكل الرقم “7”، لتحسين كفاءة استهلاك الوقود في الرحلات الجوية الطويلة، وذلك ضمن تجربة أطلقت عليها اسم “محاكاة الطبيعة”.
“فيلو فلاي”
التجربة الجديدة، التي تحمل اسم “فيلو فلاي” (Velo Fly)، تعتمد على مفهوم الطيران التعاوني، حيث يمكن للطائرات أن تقلل استهلاك الطاقة عند التحليق قرب بعضها البعض في المسافات الطويلة.
وتستند التقنية إلى مبدأ استعادة طاقة الأثر، الذي يسمح للطائرة الموجودة في المؤخرة باستغلال التيارات الهوائية الصاعدة الناتجة عن الطائرة التي تسبقها.
ويعمل انجراف الهواء للأعلى على رفع الطائرة الخلفية، مما يؤدي إلى تقليل اعتمادها على قوة دفع المحرك، وبالتالي خفض استهلاك الوقود وتقليل البصمة الكربونية للطيران التجاري.
بحسب بيان صحافي صادر عن “دلتا إيرلاينز”، أثبتت التجربة أن اتباع الطائرات لتشكيل محكم مستوحى من الطيور يمكن أن يقلل استهلاك الوقود بنسبة كبيرة، مما يسهم في تعزيز جهود الاستدامة وتقليل الانبعاثات الضارة بالبيئة.
وقد أكدت الاختبارات التي أجرتها وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” أن هذه التقنية الجديدة قادرة على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 5% على الأقل لكل رحلة جوية، وهو إنجاز بارز في مجال الطيران المستدام.
رحلات تجريبية ناجحة
تم تنفيذ تجربة عملية لهذه التقنية من خلال أول رحلة ناجحة عبر المحيط الأطلسي، حيث تم تطبيق نموذج الطيران التعاوني بين طائرتين على مسافة طويلة.
وأظهرت النتائج أن التوفير في الوقود لم يكن نظرياً فقط، بل تمت ترجمته إلى تحسين حقيقي في الأداء البيئي وتقليل استهلاك الطاقة بشكل فعال.
وتعكس هذه التجربة التزام شركات الطيران العالمية، بما في ذلك “دلتا إيرلاينز”، بالبحث عن حلول مبتكرة لتحقيق الأهداف البيئية والاستدامة في قطاع النقل الجوي.
كما تدعم هذه الخطوة رؤية الصناعة لخفض البصمة الكربونية للطيران العالمي، تماشياً مع الأهداف البيئية التي وضعتها منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) واتفاقيات المناخ الدولية.
الطبيعة مصدر إلهام
تعد فكرة استلهام تقنيات الطيران من الطبيعة نهجاً مبتكراً يعكس فهمًا أعمق لكيفية تحقيق كفاءة الطاقة من خلال حلول غير تقليدية، ومن المعروف أن بعض أنواع الطيور، مثل الأوز المهاجر، تطير بتنسيق دقيق يتيح لكل طائر الاستفادة من تيارات الهواء التي تولدها أجنحة الطائر الذي يسبقه، مما يساعده على توفير الطاقة أثناء الهجرات الموسمية الطويلة.
واليوم، تسعى شركات الطيران الكبرى، مثل “دلتا إيرلاينز”، إلى استغلال هذا المفهوم لتقليل استهلاك الوقود، وهو ما يعد خطوة مهمة نحو تحقيق طيران أكثر استدامة وصديقًا للبيئة.
كما تشير الأبحاث إلى أن هذه التقنية يمكن أن تصبح جزءاً أساسياً من استراتيجيات الطيران المستقبلية، مما يساعد على خفض التكاليف التشغيلية وتقليل التأثير البيئي للطيران التجاري.
مع استمرار البحث والتطوير في هذا المجال، يتوقع أن نشهد في المستقبل القريب اعتمادًا متزايدًا على تقنيات الطيران التعاوني، مما قد يؤدي إلى تحسينات كبيرة في كفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية.
كما أن التعاون بين شركات الطيران والمؤسسات البحثية، مثل “ناسا”، سيعزز من إمكانيات تبني هذه التكنولوجيا على نطاق واسع، مما يجعل من الطيران التجاري قطاعًا أكثر استدامة ومسؤولية بيئيًا.
وفي ظل تزايد الاهتمام العالمي بقضايا المناخ والاستدامة، تسلط مبادرة “دلتا إيرلاينز” الضوء على الإمكانيات الكبيرة التي يوفرها استلهام حلول هندسية جديدة من الطبيعة، وهو ما قد يسهم في تحقيق تحول جذري في صناعة الطيران في السنوات القادمة.