مهرجان “ليبا ليبا” في ماليزيا.. احتفاء بتراث شعب باجاو البحري
في قلب ولاية صباح الماليزية، تتجلى روعة التراث والثقافة من خلال مهرجان “ليبا ليبا”، الذي يعد حدثًا سنويًا يعكس الهوية الفريدة لشعب “باجاو” البحري.
يحتفي هذا المهرجان بالزوارق التقليدية المزينة بألوان زاهية وزخارف فنية مبهرة، حيث تبحر هذه القوارب عبر مياه مدينة سيمبورنا، حاملةً معها حكايات قديمة عن شعب ارتبطت حياته بالبحر لقرون طويلة.
تعود أصول شعب “باجاو” إلى المجتمعات البحرية التي استوطنت سواحل ماليزيا والفلبين وإندونيسيا، وعُرف عنهم ارتباطهم العميق بالمحيط، حيث كانوا يعيشون في قواربهم ويتنقلون بحثًا عن الرزق بين الجزر الاستوائية، وما زالت ثقافة هذا الشعب حاضرة بقوة في ماليزيا، حيث أصبح مهرجان “ليبا ليبا” منصة للاحتفاء بتقاليدهم وفنونهم ومهاراتهم في الإبحار.
يمثل المهرجان فرصة فريدة للسياح والزوار لاكتشاف جمال هذا الإرث الثقافي الغني، إذ لا تقتصر فعالياته على سباقات الزوارق فقط، بل تشمل أيضًا عروضًا فنية ورقصات تراثية وأداءات موسيقية تعبّر عن الروح الحيوية لشعب “باجاو”، كما تُقام معارض تعرض الحرف اليدوية التقليدية، حيث يمكن للزوار مشاهدة كيفية صناعة القوارب الخشبية بدقة متناهية، إضافة إلى تذوق أشهى الأطباق البحرية التي يشتهر بها سكان المنطقة.
يبرز مهرجان “ليبا ليبا” أيضًا كعامل جذب سياحي رئيسي في ولاية صباح، حيث يجذب آلاف الزوار من مختلف أنحاء العالم، ما يساهم في تعزيز السياحة الثقافية في ماليزيا، ويعكس هذا الحدث العلاقة المتناغمة بين الإنسان والطبيعة، حيث يشكّل البحر عنصرًا أساسيًا في حياة الباجاو، ليس فقط كمصدر للرزق، بل أيضًا كمساحة للابتكار الفني والتعبير الثقافي.
وتؤكد الحكومة الماليزية أهمية المهرجان كجزء من استراتيجيتها للحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز السياحة المستدامة، حيث يتم تنظيم العديد من الفعاليات التوعوية التي تهدف إلى نشر الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة البحرية، ودعم المجتمعات المحلية التي تعتمد على الصيد والحرف التقليدية.
مع اختتام كل دورة من مهرجان “ليبا ليبا”، تبقى أصداء الموسيقى وألوان الزوارق تروي قصة ثقافة بحرية استثنائية، تعكس صمود شعب “باجاو” في مواجهة الزمن، وتؤكد أن التراث ليس مجرد ماضٍ، بل هو حاضرٌ ينبض بالحياة ومستقبلٌ يستحق الاحتفاء به.
