-- سلايدر --وجهات سياحية

حصن بديوي الوقداني.. معلم تراثي يجسد الإبداع الشعري في الطائف

يُعد حصن الشاعر بديوي الوقداني في محافظة الطائف من أبرز المعالم التراثية التي تعكس الموروث الثقافي والتاريخي العريق للمنطقة.

يقع الحصن في منطقة وادي نخب، الذي يمتد من مرتفعات الشفا وصولًا إلى سفوح الجبال التهامية، حيث يقف شاهدًا على حقبة مهمة من تاريخ الشعر الشعبي والنبطي في الجزيرة العربية.

يمثل الحصن نموذجًا فريدًا للعمارة التقليدية في الطائف، إذ شُيد على صخرة صلبة بارتفاع يقارب ثلاثة أمتار عن سطح الأرض، مما منحه متانة واستدامة عبر الزمن. يتكون الحصن من طابقين، حيث خُصص الأول للسكن، بينما استخدم الثاني للمراقبة الليلية وحماية الموقع من أي تهديدات.

كما يتميز بتصميمه الهندسي المتقن وزخارفه البيضاء المستوحاة من فنون البادية، مما يعكس الذوق الفني للحقبة التي أُنشئ فيها.

لم يكن الحصن مجرد مقر إقامة، بل كان ملتقى للأدباء والشعراء الذين تأثروا بمسيرة بديوي الوقداني، أحد أبرز شعراء الجزيرة العربية. اشتهر الوقداني بإبداعه في الشعر النبطي والفصيح، حيث أصبحت قصائده جزءًا من الإرث الأدبي العربي، وحظيت بتقدير واسع داخل المملكة وخارجها.

وقد أكد حفيده، حمود منير الوقداني، أن جده ساهم بشكل كبير في تطوير المشهد الشعري، حيث انتشرت قصائده في أرجاء الطائف وأصبحت مصدر إلهام للكثير من الشعراء.

من جانبه، أوضح الدكتور طلال الثقفي، عضو هيئة التدريس بجامعة الطائف، أن بديوي الوقداني لم يكن مجرد شاعر، بل مثَّل مدرسة شعرية متكاملة، تميزت بإثراء الأدب النبطي بأعمال ذات طابع ثقافي متقدم سبق حتى شهرته الشخصية.

وأشار إلى أن تأثيره امتد إلى مختلف أنحاء الجزيرة العربية، حيث استلهم العديد من الشعراء أسلوبه الفريد في التعبير عن المشاعر والقيم الاجتماعية.

لا يزال الحصن يحتفظ برونقه التراثي رغم تعاقب السنين، حيث بات مقصدًا لمحبي التاريخ وعشاق التراث الذين يحرصون على استكشاف معالمه الفريدة.

ويعكس الاهتمام المتزايد بهذا المعلم التراثي حرص الجهات المعنية على الحفاظ على المواقع التاريخية التي تسرد فصولًا من تاريخ المملكة وتروي حكايات شعرائها وأدبائها.

إضافةً إلى قيمته الأدبية، يمثل حصن الوقداني جزءًا من الهوية الثقافية لمحافظة الطائف، التي اشتهرت بكونها مهدًا للعديد من الشعراء والمثقفين.

ومن المتوقع أن تسهم جهود الترميم والتطوير في تعزيز مكانة الحصن كموقع سياحي يجذب الزوار الباحثين عن الأصالة والجمال في قلب الطبيعة الخلابة التي تحيط به.

يظل حصن بديوي الوقداني علامة بارزة في سجل التراث الوطني، ومرجعًا هامًا لفهم تطور الشعر الشعبي في المملكة، حيث يجسد روح الإبداع التي تميز بها الشاعر الكبير، ويستمر في استقطاب المهتمين بالأدب والتاريخ ليبقى شاهدًا على مسيرة أحد رموز الشعر العربي في الجزيرة العربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى