مسقط هذه المرة غير!
بقلم: محمود النشيط إعلامي بحريني متخصص في الإعلام السياحي
أفتح باكورة رحلاتي هذا العام بزيارة عمل سياحية إلى العاصمة العمانية مسقط التي أخذت صدى واسع عند البحرينيين تحديداً بعد المباراة النهائية في دورة كأس الخليج وفوز المنتخب في المباراة النهائية، ثم تلتها زيارة جلالة الملك حمد بن عيسى في (زيارة دولة) إلى هذه السلطنة العريقة بتاريخها وحضارتها الممتدة عبر آلاف السنين وتشترك مع الحضارات العديدة في تاريخ البحرين الكبرى، وشعبها الكريم المضياف ودائم بالابتسامة وكلماته الترحيبية العميقة التي لا تنسى أبداً.
كانت زيارتي الأولى إلى مسقط في عام 1996م، وأتذكر كل تفاصيلها وانبهاري الشديد الآن أكثر بمحافظة الحكومة العمانية على التراث الأصيل والموروثات الوطنية العديدة، وتوارثها جيلاً بعد جيل أمام تحديات عصرية كثيرة حولتها الطاقات القيادية في مختلف القطاعات الحكومية إلى فرص حقيقية للاستثمار دون المساس بالعادات والتقاليد أو نسيان ما صنعه الأباء والأجداد على مدى القرون الماضية.
القيادة العليا متمثلة في السلطان الراحل قابوس طيب الله ثراه، ومن بعده جلالة السلطان هيثم بن طارق تواصل مسيرة التنمية والتطور نحو الرقي لشعب عمان على مختلف الأصعدة، وتحقيق أهداف رؤية عمان 2040 والتي تنقل السلطنة إلى مراحل أكثر تطوراً على المستوى الداخلي والخارجي وتعزز موقعها بين دول العالم.
السلطنة استطاعت على مدى 20 عاماً تحقيق استثمارات كثيرة في جعل هذا البلد يستقطب ملايين السياح على مدار العام وتوفير جميع سبل الراحة التي يمكن مشاهدتها من أول نقطة تلامس فيها أرض البلاد من مختلف الموانئ البرية والبحرية والجوية التي صممت لتقدم للزائر الجديد شواهد على حضارة وتاريخ وضيافة لا نضير لها في أي مكان آخر.
السياحة العمانية ذات المقومات المختلفة التي تلبي جميع الأذواق بعضها بمستويات راقية الفخامة والأناقة، وتوفر لمحبي المغامرات كل ما يبحثون عنه سواء في الطبيعة من جبال أو بحار وحتى الصحراء، وصولاً للراحة والاستجمام في المنتجعات والفنادق العالمية الفخمة التي تلبي جميع مستويات السياح.
المحافظة على الهندسة المعمارية المميزة واضحة لكل من يزور هذه الأرض الطيبة، ويستطيع بسهولة تقدير الجهود الكبيرة التي تبذل في ترميم القلاع و البوابات والحصون الكثيرة المنتشرة في مختلف المحافظات والولايات، بل امتدّت هذه الجهود حتى أعلى الجبال وأقصى الوديان و وفرت لها البنية التحتية التي تجعل الوصول إليها أكثر سهولة عن الماضي مع إضافة التقنية الحديثة المكتوبة والمرئية والمسموعة بعدة لغات العالم الأساسية ضمن باقة الترويج السياحي.
في كل مرة أزور فيها مسقط وأنا أشم رائحة اللبان والبخور أكتشف أكثر أن حركة النمو الاقتصادي لم تؤثر على أخلاق ومعنويات هذا الشعب المضياف الطيب، وأن العنصر الوطني الذي يشغل جميع القطاعات هو العنصر الأساسي الذي أؤرخ في متحف عمان عبر الزمان لأكثر من 7000 عام الذي يعيش على طول شواطئ وفي الصحارى والجبال الممتدة على طول وعرض سلطنة عمان.
المرأة بجانب الرجل، والمقيم والوافد يتمتعون بجميع الحقوق، والتعايش السلمي والتسامح بين الأديان واقع ملموس وممكن التعرف عليه أكثر في جامع السلطان قابوس الأكبر الذي يعتبر مركزاً للإشعاع الحضاري والثقافي التنويري كذلك في كل شوارع وأزقة مدن وقرى هذه البلاد التي حباها الله بنعم كثيرة، وبموقع استراتيجي على الكرة الأرضية جعل من جهودها وخبرتها أن تكون شعلة للسلام العالمي لما تمتلكه من حنكة سياسية عالية في إدارة الأزمات وفتح آفاق التواصل والتعاون لما فيه مصلحة البلاد والعباد في الداخل والخارج.
حفظ الله سلطنة عمان قيادةً وشعباً، وجعلها من الدول المتقدمة والمتطورة إلى الأمام أكثر فأكثر على جميع الأصعدة.