“الصخر الشاهد”.. حملة توعوية تسلط الضوء على كنوز العُلا الجيولوجية والتاريخية
في إطار جهودها المستمرة للحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي، أطلقت الهيئة الملكية لمحافظة العُلا حملة جديدة بعنوان “الصخر الشاهد”، التي تسعى إلى تعزيز الوعي بأهمية التشكيلات الصخرية الفريدة التي تزخر بها المنطقة.
تأتي هذه المبادرة كامتداد لحملة “إرثنا مسؤوليتنا”، وبشراكة مجتمعية مع أهالي العُلا، لتسليط الضوء على تاريخها الجيولوجي الثري والإرث الثقافي العريق الذي يعود إلى ملايين السنين.
تشكيلات صخرية تحكي قصص الزمن
تُعد العُلا بمثابة متحف طبيعي مفتوح، حيث تحمل صخورها آثارًا تشهد على عصور مختلفة من التاريخ الطبيعي والإنساني، تشير الدراسات إلى أن أقدم الصخور في العُلا تعود إلى ما يقارب مليار سنة، ما يجعلها أحد أقدم الأدلة على وجود الحياة في المملكة.
هذه الصخور تتضمن طبقات من الصفائح الميكروبية المتحجرة التي يعود عمرها إلى حوالي 600 مليون سنة، وتشكل سجلًا ناطقًا عن التحولات الجيولوجية التي مرت بها المنطقة.
الحملة تُبرز أيضًا الأماكن الجيولوجية الشهيرة في العُلا، مثل صخرة الفيل، التي أصبحت رمزًا أيقونيًا للمنطقة، وموقع الحِجر، أول موقع سعودي يُدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، بالإضافة إلى محمية شرعان الطبيعية، وحرة عويرض البركانية، ووادي نخلة.
وتدعو الحملة الزوار للتأمل في هذه المعالم الفريدة، التي تحمل في طياتها قصصًا عن المحيطات القديمة، والانفجارات البركانية، والحضارات التي استوطنت المنطقة.
تاريخ موثق في الصخور والنقوش
تُظهر النقوش الصخرية المنتشرة في العُلا، مثل تلك الموجودة في جبل عكمة، التقاليد الثقافية والحضارية التي عاشها سكانها قبل آلاف السنين.
يُعتقد أن عاصمة دادان، التي تعود إلى حوالي 3000 عام، كانت مركزًا رئيسيًا للتجارة والثقافة في شبه الجزيرة العربية، أما في موقع الحجر، فتبرز الصخور التي تعود إلى 500 مليون سنة كمدافن أثرية أنشأها الأنباط منذ أكثر من 2000 عام.
الحفاظ على إرث العُلا للأجيال القادمة
حملة “الصخر الشاهد” تأتي لتجسد التزام الهيئة الملكية لمحافظة العُلا بالحفاظ على ثراء العُلا الطبيعي والثقافي، إذ تسعى الحملة إلى تعزيز الوعي بأهمية حماية هذه الكنوز، ليس فقط كجزء من التراث الوطني، بل كمصدر للإلهام والتأمل لجيل اليوم والغد.
عبر هذه الجهود، تهدف الهيئة إلى تأكيد مكانة العُلا كوجهة عالمية للسياحة الثقافية والطبيعية، مع الحرص على التوازن بين التطوير السياحي المستدام وحماية مواردها الفريدة، ومع كل صخرة وتشكيل جيولوجي، تظل العُلا شاهدة على تاريخ يمتد عبر الزمن، ونافذة تفتح أبوابًا لاكتشاف أسرار الماضي.