-- سلايدر --منوعات وترفيه

اكتشاف أثري في “المعملّة” بالباحة يعود لأكثر من 1000 سنة

أعلنت هيئة التراث عن الانتهاء من موسم التنقيب الأثري الثالث في موقع “المعملّة” الواقع بمنطقة الباحة، حيث أسفرت الحفريات عن اكتشافات ذات قيمة تاريخية هائلة، تكشف عن جوانب هامة من التاريخ القديم للمملكة. ويمثل هذا الاكتشاف إضافة كبيرة للموقع، الذي يسلط الضوء على تاريخ المملكة العريق وتطوراتها المعمارية والتجارية.

التحقيقات الأثرية التي جرت على مدار موسم كامل كانت تهدف إلى تسليط الضوء على خصائص المواقع الأثرية السعودية. ونتيجة لتلك الجهود، تم العثور على مجموعة كبيرة من الاكتشافات التي تعود إلى أكثر من 1000 عام، حيث تم الكشف عن جدران حجرية من أحجار الجرانيت المشذبة، وبعضها يحتوي على طبقات من الطوب الطيني.

وأظهرت هذه الجدران آثارًا للياسة جصية، ما يعكس العناية الشديدة التي كانت تولى لهذه المباني خلال فترة بنائها، مما يدل على مستوى عالٍ من المهارة في تصميم المنشآت في ذلك العصر.

تنوعت الاكتشافات المعمارية في الموقع، حيث تم العثور على وحدتين معماريتين متكاملتين. الوحدة الأولى تضم ثلاث غرف، وأربعة مستودعات، وخمسة أحواض، إلى جانب موقدين، بينما تتضمن الوحدة الثانية ثلاث غرف، ومستودعين، وأربعة أحواض، بالإضافة إلى موقد وتنور ودعامتين معماريتين.

هذه الاكتشافات تعكس نمط الحياة في تلك الحقبة الزمنية، حيث كانت المباني مصممة بترتيبات دقيقة تتيح استخدامها في مختلف الأغراض.

لم تقتصر الاكتشافات على المعالم المعمارية فقط، فقد تم العثور على مجموعة كبيرة من القطع الأثرية التي تبرز التطور الثقافي والاقتصادي للموقع.

شملت تلك القطع 230 قطعة من الأواني الفخارية المزججة وغير المزججة، والتي تميزت بزخارف هندسية فريدة. كما تم العثور على 48 قطعة حجرية، بالإضافة إلى 26 قطعة زجاجية ملونة، تشمل ألوانًا مثل الأخضر الفاتح والغامق والرمادي.

كما كشف التنقيب عن 35 أداة معدنية و17 أداة حجرية، مثل المدقات والمساحن، وهي أدوات كانت تستخدم في الأنشطة اليومية مثل طحن المواد الخام، مما يدل على النشاط التجاري والصناعي الذي كان مزدهرًا في هذا الموقع.

أهمية موقع “المعملّة” لا تقتصر على الاكتشافات الأثرية التي تم العثور عليها فقط، بل تمتد إلى موقعه الاستراتيجي في المنطقة، يقع الموقع في الجزء الشرقي من وادي لغبة، على بعد 13 كم شرق محافظة العقيق، ويبعد نحو 45 كم عن مقر إمارة منطقة الباحة.

كما يقترب الموقع من طريق التجارة القديم المعروف بـ “درب الفيل”، الذي كان يعد معبرًا رئيسيًا للقوافل التجارية القادمة من جنوب الجزيرة العربية قبل الإسلام. ومع مرور الوقت، أصبح هذا الطريق ممرًا للحجاج خلال العصور الإسلامية، مما أضاف إلى أهمية الموقع الاقتصادية والتجارية.

وفي إطار سعيها المستمر لتوثيق التراث الوطني، أكدت هيئة التراث على دورها في تنفيذ مشاريع مكثفة للمسح والتنقيب الأثري في مختلف مناطق المملكة.

تعتمد الهيئة في أعمالها على تقنيات متطورة في المسح الجغرافي والتنقيب الميداني، بهدف الكشف عن مزيد من المواقع الأثرية وتوثيقها.

ويعكس هذا العمل التزام الهيئة بالحفاظ على التراث الوطني وتعزيز المعرفة به، في خطوة تهدف إلى نشر الوعي الثقافي والحفاظ على الآثار للأجيال القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى