تقنية

“جوجل” تطلق أداة ذكاء اصطناعي تقدم توقعات جوية دقيقة تُغير قواعد اللعبة

في خطوة مبتكرة، أعلنت شركة “جوجل” الأمريكية عن إطلاق أداة ذكاء اصطناعي جديدة تهدف إلى تقديم توقعات جوية دقيقة على مدى 15 يومًا، وهو ما يُعدّ طفرة في عالم التنبؤات المناخية.

الأداة الجديدة، التي تحمل اسم “جين كاست”، تطور بواسطة مختبر “ديب مايند” التابع لـ “جوجل”، تعد بمستوى من الدقة لم يسبق له مثيل في هذا المجال، وهو ما سيسهم في تحسين قدرة الناس على الاستعداد للكوارث المناخية.

تفوق على النماذج التقليدية

“جين كاست” أداة الذكاء الاصطناعي التي تم تطويرها على مدار عقود، تُظهر نتائج مبشّرة، حيث تتفوق على النموذج المرجعي المعتمد حاليًا من قبل المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى.

ويُعتبر هذا المركز هو المعيار العالمي في مجال التنبؤات الجوية، حيث يصدر توقعات لحالة الطقس لما يقارب 35 دولة، ولكنه يستغرق وقتًا طويلاً لإصدار هذه التوقعات مقارنة بالأداة الجديدة.

في اختبارات أجريت على 1320 كارثة مناخية حدثت في عام 2019، أظهرت “جين كاست” دقة تفوق التوقعات المقدمة من المركز الأوروبي بنسبة تزيد عن 97%، هذه الأداة تمتاز أيضًا بسرعة غير مسبوقة، حيث يمكنها إنتاج توقعات دقيقة لمدة 15 يومًا في غضون ثماني دقائق فقط، في حين أن المركز الأوروبي يحتاج إلى عدة ساعات لإتمام عملية التنبؤ.

تأتي هذه الأداة في وقت حرج، حيث تحذر العلماء من أن الطقس المتطرف أصبح أكثر تكرارًا وشدة نتيجة التغير المناخي الذي تسببت فيه الأنشطة البشرية.

على سبيل المثال، شهد العالم في أغسطس الماضي حرائق غابات مدمرة في هاواي أسفرت عن مقتل نحو 100 شخص، وتعرضت السلطات لانتقادات لعدم قدرتها على تحذير السكان في الوقت المناسب.

كذلك، شهد الصيف الماضي حدوث موجات حر مفاجئة في العديد من مناطق العالم، مثلما حدث في المغرب، حيث توفي 21 شخصًا نتيجة لارتفاع درجات الحرارة بشكل مفاجئ.

وفي ذات السياق، أدى إعصار هيلين الذي ضرب فلوريدا في سبتمبر الماضي إلى مقتل 237 شخصًا، مما سلط الضوء على ضرورة تحسين قدرات التنبؤ بالأحوال الجوية من أجل اتخاذ التدابير الوقائية في الوقت المناسب.

يعتمد تطوير “جين كاست” على تحليل البيانات المناخية التاريخية التي تمتد من عام 1979 إلى 2018، ويشمل ذلك مجموعة من المتغيرات الجوية مثل درجات الحرارة، وسرعة الرياح، والضغط الجوي.

هذه البيانات تُغذي النموذج الذي يتم تدريبه باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، ما يُتيح له التنبؤ بحالة الطقس بدقة أكبر مقارنة بالنماذج التقليدية.

تعتبر هذه الأداة، التي تدمج بين تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الكبيرة، تطورًا تقنيًا هامًا قد يكون له تأثير إيجابي في العديد من القطاعات مثل الزراعة، والنقل، والسلامة العامة، حيث سيمكن السكان من التكيف مع التغيرات المناخية بشكل أسرع وأكثر فاعلية.

واحدة من أكبر فوائد أداة “جين كاست” هي قدرتها على المساعدة في إنقاذ الأرواح، حيث تتيح للمجتمعات إمكانية التنبؤ بالكوارث المناخية بشكل أسرع وأكثر دقة، مما يمنحهم فرصة أكبر للاستعداد والاستجابة في الوقت المناسب.

وفي ظل تزايد التأثيرات السلبية للتغير المناخي، بات من الضروري الاعتماد على أدوات متقدمة قادرة على تقديم تنبؤات جوية دقيقة، ما يساعد في التقليل من الخسائر البشرية والمادية.

من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التطورات في مجال التنبؤات الجوية باستخدام الذكاء الاصطناعي، “جين كاست” تمثل بداية لمرحلة جديدة في هذا المجال، وقد يكون لها تأثير كبير على كيفية استعداد الحكومات والمؤسسات لمواجهة الكوارث المناخية والتخفيف من آثارها.

إذا نجحت الأداة في تقديم التوقعات بدقة متواصلة على مدى فترات أطول، فقد يصبح الذكاء الاصطناعي أداة أساسية في مواجهة التحديات المناخية المستقبلية، ما يجعل هذا الابتكار خطوة هامة نحو توفير حلول تكنولوجية مستدامة للتغير المناخي المتزايد في العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى