عودة الحمار البري الآسيوي إلى المملكة بعد قرن من الغياب
في خطوة نوعية تعكس التزام المملكة العربية السعودية بالحفاظ على التنوع البيولوجي واستعادة الموائل الطبيعية، شهدت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية توطين الحمار البري الآسيوي بعد غياب دام أكثر من قرن.
المبادرة، التي بدأت في أبريل 2024، تُعد إنجازًا مهمًا ضمن إطار رؤية السعودية 2030 ومبادرة “السعودية الخضراء”.
تم نقل سبعة من الحمير البرية الآسيوية من محمية الشومري في الأردن إلى المملكة، لتأسيس أول مجموعة تعيش في البرية السعودية منذ أكثر من مئة عام.
وقد شهدت المحمية حدثًا مميزًا تمثل في ولادة أول مهر داخل حدودها، مما يؤكد تأقلم هذه الحيوانات مع بيئتها الجديدة، ويُبرز نجاح المشروع في إعادة توطين هذا النوع النادر.
رمز للتاريخ والطبيعة
كانت المنطقة التي تحتضنها المحمية يومًا موطنًا للحمار البري السوري، الذي انقرض عالميًا، وهو قريب وراثيًا للحمار البري الآسيوي، هذا الحيوان كان يُعرف بدوره المحوري في النظام البيئي، واليوم يقوم الحمار البري الآسيوي بتعويض هذا الدور.
يتميز الحمار البري الآسيوي بصغر حجمه مقارنة بنظرائه، وفرائه الرملي الشاحب المائل إلى الأحمر، وشريط بني فاتح يمتد على ظهره، إضافة إلى سرعته التي تصل إلى 70 كيلومترًا في الساعة، ما جعله مصدر إلهام للشعراء العرب القدماء الذين تغنوا بجموحه وقوته.
جهود دولية مشتركة
تمثل إعادة توطين الحمار البري الآسيوي ثمرة تعاون مشترك بين محمية الأمير محمد بن سلمان والجمعية الملكية لحماية الطبيعة في الأردن، التي بدأت جهودها لحماية هذا النوع منذ عام 1982.
وفقًا لرئيسة الجمعية، بتول العجلوني، فإن المشروع المشترك بين الطرفين بدأ بتوقيع اتفاقية عام 2024 تهدف إلى الحفاظ على الحمار البري وتعزيز النظم البيئية في المنطقة.
الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض
يُصنّف الحمار البري الآسيوي ضمن قائمة الأنواع المهددة بالانقراض وفقًا للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، حيث تبقى أقل من 600 فرد في البرية عالميًا، واستعادة موائله الطبيعية في المملكة تعد خطوة كبيرة نحو تعزيز وجوده وتوفير بيئة مستدامة لتكاثره.
إنجازات المحمية المتعددة
تغطي محمية الأمير محمد بن سلمان 1% من المساحة البرية للمملكة و1.8% من مساحتها البحرية، وتضم 15 نظامًا بيئيًا متنوعًا، ما يجعلها واحدة من أغنى المناطق الطبيعية بالتنوع الحيوي في الشرق الأوسط.
منذ عام 2022، نجحت المحمية في إعادة توطين 11 نوعًا من الحيوانات، منها المها العربي والوعل النوبي وغزال الريم. كما تمت إعادة ستة أنواع من الطيور، مثل نسر جريفون والبومة النسارية الفرعونية.
يشرف على المحمية مجلس المحميات الملكية برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهي تعد جزءًا من جهود المملكة لتعزيز الاستدامة البيئية.
إعادة توطين الحمار البري الآسيوي يمثل إنجازًا ملهمًا ودليلًا على قدرة المملكة على التوفيق بين التنمية والحفاظ على الإرث الطبيعي.