بحضور 13 دولة عربية.. الإعلام السياحي يناقش تأثير التغيرات المناخية على السياحة العربية
في ظل تزايد الاهتمام العالمي بقضايا البيئة والتغيرات المناخية، انعقد مؤتمر الاتحاد العربي للإعلام السياحي تحت شعار “بين التغيرات المناخية وآفاق الترويج للوجهات السياحية العربية” عبر منصة “زوم”.
حضر المؤتمر ممثلون من 13 دولة عربية وما يقرب من الـ50 شخصا من المتخصصين في الإعلام والسياحة وقضايا البيئة والتغيرات المناخية، ناقشوا خلالها التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية على القطاع السياحي وكيفية الترويج الفعّال للوجهات السياحية العربية في ظل هذه التحديات.
وقد سلط المؤتمر الضوء على أهم القضايا المتعلقة بالتغيرات المناخية وكيفية التكيف معها لتعزيز السياحة في المنطقة العربية.
افتتحت أ. منال هيكل من إذاعة صوت العرب المؤتمر بكلمة ترحيبية، حيث وجهت الشكر لجميع الضيوف والمتخصصين في مجال السياحة.
وأكدت أن المؤتمر، الذي ينظم تحت إشراف الاتحاد العربي للإعلام السياحي، يحظى باهتمام كبير من المنظمات العالمية والإقليمية والعربية.
وركزت هيكل على أهمية تناول تأثيرات التغيرات المناخية على السياحة وإيجاد استراتيجيات فعّالة للتعامل مع هذه التأثيرات، مشيرة إلى أن الجهود العالمية لمواجهة التغيرات المناخية بدأت منذ قمة الأرض في البرازيل عام 1992.
تأثيرات التغيرات المناخية: من ارتفاع درجات الحرارة إلى تآكل الشواطئ
د. صباح علال، رئيس الاتحاد العربي للإعلام السياحي، رحب بالحضور وناقش تأثيرات التغيرات المناخية على القطاع السياحي، وأوضح علال أن التغيرات المناخية أصبحت من أبرز القضايا التي تهدد السياحة في العالم العربي.
كما شدد علال على أن هذه التغيرات أدت إلى وقوع كوارث وأزمات في مناطق متعددة حول العالم، مما يعكس الحاجة الملحة لمواجهة هذه التحديات بطرق فعّالة.
خالد خليل، عضو مجلس الاتحاد العربي للإعلام السياحي، تناول التغيرات المناخية من منظور إعلامي، مشيراً إلى أن المجلس الجديد يركز على عمق التحديات التي تطرحها التغيرات المناخية، خاصة في منطقة لم تكن معتادة على مثل هذه الضغوط.
وأشار خليل إلى أن التغير المناخي سيؤدي إلى تحديات كبيرة في العالم العربي خلال العامين المقبلين.
وشاركت وزارة الثقافة والسياحة و الآثار العراقية في هذا المؤتمر ممثلة في الدكتور منتصر الحسناوي، المدير العام لقصر المؤتمرات، الذي ألقى كلمة سلط فيها الضوء على التحديات التي تواجه السياحة في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم.
وأكد الحسناوي أهمية تبني استراتيجيات جديدة للترويج للوجهات السياحية العربية، تكون متماشية مع الظروف المناخية المتغيرة، وتساهم في جذب السياح من مختلف أنحاء العالم.
وأوضح الحسناوي أن العراق يمتلك تراثاً ثقافياً وتاريخياً غنياً يمكن أن يكون أحد المحركات الرئيسية لتعزيز السياحة، إذا ما تم استثماره بالشكل الأمثل. كما أشار إلى أن العراق يسعى إلى تطوير بنيته التحتية السياحية من خلال تنفيذ مشاريع جديدة تهدف إلى تحسين الخدمات السياحية وتوفير بيئة سياحية مستدامة، تواكب المعايير الدولية.
خلال مداخلته في المؤتمر، تطرق الحسناوي إلى التحديات التي تواجه الدول العربية في مجال الترويج للسياحة، مشيراً إلى أن التغيرات المناخية تشكل تحدياً رئيسياً يتطلب تضافر الجهود لمواجهته، وقال: “علينا أن نتكيف مع هذه التغيرات وأن نبحث عن حلول مبتكرة تجعل من وجهاتنا السياحية وجهات مستدامة وجاذبة للسياح في آن واحد”.
وأضاف أن الدول العربية تمتلك فرصاً كبيرة للتعاون في مجال الترويج السياحي، من خلال تبادل الخبرات وتطوير حملات تسويقية مشتركة، تبرز ما تتميز به كل دولة من مقومات سياحية فريدة، وأكد أن العراق مستعد لتقديم دعمه الكامل لأي مبادرة تهدف إلى تعزيز التعاون العربي في هذا المجال، مشدداً على أهمية تعزيز دور الإعلام السياحي في نقل الصورة الحقيقية لما تزخر به الدول العربية من جمال وتنوع.
تحليل تأثيرات المناخ: حرائق وجفاف وأزمات مائية
عامر بحبة، الباحث في مجال المخاطر الطبيعية ومدير صفحة المرصد التونسي للطقس والمناخ، قدم تحليلاً مفصلاً للتغيرات المناخية الأخيرة.
وأشار إلى تسجيل أرقام قياسية سنوية في التغيرات المناخية، مع موجات حر غير مسبوقة وارتفاع درجات الحرارة، وأوضح أن هذه التغيرات تؤثر بشكل مباشر على السياحة البحرية من خلال ارتفاع مستوى البحر وتآكل الشواطئ، وكذلك تأثيرها السلبي على البيئة البحرية في دول الخليج.
كما نوه بحبة بحوادث الحرائق في تونس ومشكلة الجفاف المتزايد في شمال إفريقيا، مما يؤثر سلباً على المناطق السياحية، وأضاف أن الجفاف وحرائق الغابات يهددان المناطق السياحية ويؤديان إلى تراجع أعداد السياح في بعض الدول.
قوادري محمد، المهندس في مجال الجيولوجيا، أشار إلى أهمية الانتباه لتأثيرات التغيرات المناخية على الموارد المائية.
وأوضح قوادري أن تناقص كمية الأمطار ونقص المياه الجوفية يؤثر بشكل كبير على السياحة في بعض الدول العربية مثل الجزائر وتونس، حيث شهدت انخفاضاً ملحوظاً في أعداد السياح بسبب نقص المياه.
استراتيجيات التكيف: حلول مبتكرة لمواجهة تحديات المناخ
العميد دكتور عمر الشامسي مساعد المدير العام للمنافذ البرية والبحرية بالإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب، سلط الضوء على استراتيجيات دبي في مواجهة التغيرات المناخية.
وأشار إلى نجاح حملة “أفضل شتاء في العالم” التي جذبت العديد من السياح إلى دبي في فصل الشتاء، فضلاً عن جهود المدينة في تنفيذ المباني الخضراء وتشجير الأسطح واستخدام مواد عازلة للحفاظ على البيئة.
د. حذيفة مدخلي من السعودية ناقش العلاقة بين السياحة والمناخ، مشيراً إلى أن السياحة تشكل جزءاً كبيراً من الاقتصاد العالمي ويجب أن يتم التركيز على الاستدامة والتنوع في الوجهات السياحية.
وأكد على أهمية تطبيق الأنماط السياحية البديلة مثل السياحة البيئية والريفية وسياحة المغامرات للتخفيف من الآثار السلبية للتغيرات المناخية.
التوجه المستقبلي: التنمية المستدامة والسياحة البديلة
ركز د. حذيفة مدخلي على ضرورة التحول إلى أنماط سياحية بديلة لمواجهة تحديات التغيرات المناخية. وأوضح أن التنمية المستدامة، التي تلبي احتياجات الحاضر دون التأثير على الأجيال القادمة، تعد أمراً أساسياً لمستقبل السياحة.
وأضاف أن السياحة الزراعية في السعودية تشكل مثالاً ناجحاً على كيفية تعظيم الأثر الإيجابي للتنمية المستدامة، مع التركيز على مناطق زراعية جبلية.
في ختام المؤتمر، أكد المشاركون على أهمية تعزيز التعاون العربي والدولي لمواجهة تحديات التغير المناخي وتأثيراته على السياحة، مع ضرورة استثمار الابتكارات والتقنيات الحديثة لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة.
تجسد فعاليات هذا المؤتمر أهمية التوجه نحو حلول مبتكرة وشاملة لمواجهة تحديات التغير المناخي، وتعزيز قطاع السياحة كعامل رئيسي في النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.